صفحة جزء
( 3981 ) مسألة ; قال : ( ولو غصبها حاملا ، فولدت في يده ، ثم مات الولد ، أخذها سيدها وقيمة ولدها ، أكثر ما كانت قيمته ) الكلام في هذه المسألة في أمرين ; أحدهما ، أنه إذا غصب حاملا من الحيوان ، أمة أو غيرها ، فالولد مضمون ، كذلك لو غصب حائلا ، فحملت عنده ، وولدت ، ضمن ولدها .

وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة ومالك لا يجب ضمان الولد في الصورتين ; لأنه ليس بمغصوب ، إذ الغصب فعل محظور ، ولم يوجد ، فإن الموجود ثبوت اليد عليه ، وليس ذلك من فعله ; لأنه انبنى على وجود الولد ، ولا صنع له فيه . ولنا ، أن من ضمن خارج الوعاء ضمن ما فيه ، كالدرة في الصدفة ، والجوز ، واللوز ; ولأنه مغصوب فيضمن ، كالأم ، فإن الولد إما أن يكون مودوعا في الأم ، كالدرة في الحقة ، وإما أن يكون كأجزائها ، وفي كلا الموضعين ، الاستيلاء على الظرف ، والاستيلاء على الجملة استيلاء على الجزء المطروق ، فإن أسقطته ميتا ، لم يضمنه ; لأنه لا تعلم حياته ، ولكن يجب ما نقصت الأم عن كونها حاملا ، وأما إذا حدث الحمل ، فقد سبق الكلام فيه .

الأمر الثاني ، أنه يلزمه رد الموجود من المغصوب وقيمة التالف ، فإن كانت قيمة التالف لا تختلف من حين الغصب إلى حين الرد ، ردها ، وإن كانت تختلف ، نظرنا ; فإن كان اختلافهما لمعنى فيه ، من كبر وصغر ، وسمن وهزال وتعلم ونسيان ، ونحو ذلك من المعاني التي تزيد بها القيمة وتنقص ، فالواجب القيمة أكثر ما كانت ، لأنها مغصوبة في الحال التي زادت فيها ، والزيادة لمالكها مضمونة على الغاصب ، على ما قررناه فيما مضى ، فإن كانت زائدة حين تلفها ، لزمته قيمتها حينئذ ; لأنه كان يلزمه ردها زائدة ، فلزمته قيمتها كذلك ، وإن كانت زائدة قبل تلفها ، ثم نقصت عند تلفها ، لزمه قيمتها حين كانت زائدة ; لأنه لو ردها ناقصة للزمه أرش نقصها ، وهو [ ص: 162 ] بدل الزيادة ، فإذا ضمن الزيادة مع ردها ، ضمنها عند تلفها ، فإن كان اختلافها لتغير الأسعار ، لم يضمن الزيادة ; لأن نقصان القيمة لذلك لا يضمن مع رد العين ، فلا يضمن عند تلفها .

وحمل القاضي قول الخرقي على ما إذا اختلفت القيمة لتغير الأسعار . وهو مذهب الشافعي لأن أكثر القيمتين فيه للمغصوب منه ، فإذا تعذر ردها ضمنها ، كقيمته يوم التلف ، وإنما سقطت القيمة مع رد العين . والمذهب الأول ; لما ذكرنا ، وتفارق هذه الزيادة زيادة المعاني ; لأن تلك تضمن مع رد العين ، فكذلك مع تلفها ، وهذه لا تضمن مع رد العين ، فكذلك مع تلفها .

وقولهم : إنها سقطت برد العين . لا يصح ; لأنها لو وجبت لما سقطت بالرد ، كزيادة السمن والتعلم . قال القاضي : ولم أجد عن أحمد رواية بأنها تضمن بأكثر القيمتين ; لتغير الأسعار . فعلى هذا تضمن بقيمتها يوم التلف . رواه الجماعة عن أحمد وعنه أنها تضمن بقيمتها يوم الغصب . وهو قول أبي حنيفة ومالك ، لأنه الوقت الذي أزال يده عنه فيه فيلزمه القيمة حينئذ ، كما لو أتلفه .

ولنا ، أن القيمة إنما تثبت في الذمة حين التلف ; لأن قبل ذلك كان الواجب رد العين دون قيمتها ، فاعتبرت تلك الحالة ، كما لو لم تختلف قيمته . وما ذكروه لا يصح ; لأن إمساك المغصوب غصب ، فإنه فعل يحرم عليه تركه في كل حال ، وما روي عن أحمد من اعتبار القيمة بيوم الغصب ، فقال الخلال : جبن أحمد عنه . كأنه رجع إلى قوله الأول .

التالي السابق


الخدمات العلمية