صفحة جزء
( 412 ) مسألة : قال : ( فإن خلع قبل ذلك أعاد الوضوء ) يعني قبل انقضاء المدة إذا خلع خفيه بعد المسح عليهما ، بطل وضوءه . وبه قال النخعي ، والزهري ، ومكحول ، والأوزاعي ، وإسحاق ، وهو أحد قولي الشافعي . وعن أحمد ، رواية أخرى ، أنه يجزئه غسل قدميه . وهو مذهب أبي حنيفة ، والقول الثاني للشافعي ; لأن مسح الخفين ناب عن غسل الرجلين خاصة ، فطهورهما يبطل ما ناب عنه ، [ ص: 178 ] كالتيمم إذا بطل برؤية الماء وجب ما ناب عنه . وهذا الاختلاف مبني على وجوب الموالاة في الوضوء ، فمن أجاز التفريق جوز غسل القدمين ; لأن سائر أعضائه مغسولة ، ولم يبق إلا غسل قدميه ، فإذا غسلهما كمل وضوءه .

ومن منع التفريق أبطل وضوءه ; لفوات الموالاة ، فعلى هذا ، لو خلع الخفين قبل جفاف الماء عن يديه ، أجزأه غسل قدميه ، وصار كأنه خلعهما قبل مسحه عليهما . وقال الحسن ، وقتادة ، وسليمان بن حرب : لا يتوضأ ولا يغسل قدميه ; لأنه أزال الممسوح عليه بعد كمال الطهارة ، فأشبه ما لو حلق رأسه بعد المسح عليه ، أو قلم أظفاره بعد غسلها ; ولأن النزع ليس بحدث ، والطهارة لا تبطل إلا بالحدث . ولنا أن الوضوء بطل في بعض الأعضاء ، فبطل في جميعها ، كما لو أحدث ، وما ذكروه يبطل بنزع أحد الخفين ، فإنه يبطل الطهارة في القدمين جميعا ، وإنما ناب مسحه عن إحداهما . وأما التيمم عن بعض الأعضاء إذا بطل ، فقد سبق القول فيه في موضعه .

وحكي عن مالك أنه إذا خلع خفيه ، غسل قدميه مكانه ، وصحت طهارته . وإن أخره ، استأنف الطهارة ; لأن الطهارة كانت صحيحة في جميع الأعضاء إلى حين نزع الخفين ، أو انقضاء المدة ، وإنما بطلت في القدمين خاصة ، فإذا غسلهما عقيب النزع ، لم تفت الموالاة ; لقرب غسلهما من الطهارة الصحيحة في بقية الأعضاء ، بخلاف ما إذا تراخى غسلهما .

ولا يصح ; لأن المسح قد بطل حكمه ، وصار إلى أن نضيف الغسل إلى الغسل ، فلم يبق للمسح حكم ; ولأن الاعتبار في الموالاة إنما هو لقرب الغسل من الغسل ، لا من حكمه ، فإنه متى زال حكم الغسل بطلت الطهارة ، ولم ينفع قرب الغسل شيئا ; لكون الحكم لا يعود بعد زواله إلا بسبب جديد .

التالي السابق


الخدمات العلمية