صفحة جزء
( 3983 ) مسألة ; قال : ( وإذا كانت للمغصوب أجرة ، فعلى الغاصب رده ، وأجر مثله مدة مقامه في يديه ) هذه المسألة تشتمل على حكمين ; أحدهما ، وجوب رد المغصوب .

والثاني ، رد أجرته . أما الأول فإن المغصوب متى كان باقيا ، وجب رده ; لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { على اليد ما أخذت حتى ترده . } رواه أبو داود ، وابن ماجه ، والترمذي ، وقال : حديث حسن . وروى عبد الله بن السائب بن يزيد ، عن أبيه ، عن جده ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا يأخذ أحدكم متاع صاحبه لاعبا جادا ، ومن أخذ عصا أخيه فليردها } . رواه أبو داود . يعني أنه يقصد المزح مع صاحبه بأخذ متاعه ، وهو جاد في إدخال الغم والغيظ عليه . ولأنه أزال يد المالك عن ملكه بغير حق ، فلزمه إعادتها . وأجمع العلماء على وجوب رد المغصوب إذا كان باقيا بحاله لم يتغير ، ولم يشتغل بغيره . فإن غصب شيئا ، فبعده ، لزمه رده ، وإن غرم عليه أضعاف قيمته ; لأنه جنى بتبعيده ، فكان ضرر ذلك عليه .

فإن قال الغاصب : خذ مني أجر رده ، وتسلمه مني هاهنا . أو بذل له أكثر من قيمته ولا يسترده ، لم يلزم المالك قبول ذلك ; لأنها معاوضة فلا يجبر عليها ، كالبيع . وإن قال المالك : دعه لي في مكانه الذي نقلته إليه . لم يملك الغاصب رده ; لأنه أسقط عنه حقا فسقط وإن لم يقبله ، كما لو أبرأه من دينه . وإن قال : رده لي إلى بعض الطريق . لزمه ذلك ; لأنه يلزمه جميع المسافة ، فلزمه بعضها المطلوب ، وسقط عنه ما أسقطه .

وإن طلب منه حمله إلى مكان آخر في غير طريق الرد ، لم يلزم الغاصب ذلك ، سواء كان أقرب من المكان الذي يلزمه رده إليه أو لم يكن ; لأنه معاوضة . وإن قال : دعه في مكانه ، وأعطني أجر رده . لم يجبر على إجابته ; لذلك . ومهما اتفقا عليه من ذلك جاز ; لأن الحق لهما ، لا يخرج عنهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية