صفحة جزء
( 4030 ) مسألة ; قال : ( ومن كان غائبا ، وعلم بالبيع في وقت قدومه ، فله الشفعة ، وإن طالت غيبته ) . وجملة ذلك أن الغائب له شفعة . في قول أكثر أهل العلم . روي ذلك عن شريح ، والحسن ، وعطاء . وبه قال مالك ، والليث ، والثوري ، والأوزاعي ، والشافعي ، والعنبري ، وأصحاب الرأي .

وروي عن النخعي : ليس للغائب شفعة وبه قال الحارث العكلي ، والبتي ، إلا للغائب القريب ; لأن إثبات الشفعة له يضر بالمشتري ، ويمنع من استقرار ملكه وتصرفه على حسب اختياره ، خوفا من أخذه ، فلم يثبت ذلك كثبوته للحاضر على التراخي .

ولنا ، عموم { قوله عليه السلام : الشفعة فيما لم يقسم } . وسائر الأحاديث ، ولأن الشفعة حق مالي وجد سببه بالنسبة [ ص: 191 ] إلى الغائب ، فيثبت له ، كالإرث ، ولأنه شريك لم يعلم بالبيع ، فتثبت له الشفعة عند علمه ، كالحاضر إذا كتم عنه البيع ، والغائب غيبة قريبة ، وضرر المشتري يندفع بإيجاب القيمة له ، كما في الصور المذكورة .

إذا ثبت هذا ، فإنه إذا لم يعلم بالبيع إلا وقت قدومه ، فله المطالبة وإن طالت غيبته ; لأن هذا الخيار يثبت لإزالة الضرر عن المال ، فتراخي الزمان قبل العلم به لا يسقطه ، كالرد بالعيب ، ومتى علم فحكمه في المطالبة حكم الحاضر ، في أنه إن طالب على الفور استحق ، وإلا بطلت شفعته ، وحكم المريض والمحبوس وسائر من لم يعلم البيع لعذر حكم الغائب ; لما ذكرنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية