صفحة جزء
[ ص: 192 ] فصل : إذا أشهد على المطالبة ، ثم أخر القدوم مع إمكانه ، فظاهر كلام الخرقي أن الشفعة بحالها . وقال القاضي : تبطل شفعته وإن لم يقدر على المسير ، وقدر على التوكيل في طلبها ، فلم يفعل ، بطلت أيضا ; لأنه تارك للطلب بها مع قدرته عليه ، فسقطت ، كالحاضر ، أو كما لو لم يشهد .

وهذا مذهب الشافعي ، إلا أن لهم فيما إذا قدر على التوكيل فلم يفعل وجهين ; أحدهما ، لا تسقط شفعته ; لأن له غرضا بأن يطالب لنفسه ، لكونه أقوم بذلك أو يخاف الضرر من جهة وكيله ، بأن يقر عليه برشوة أو غير ذلك ، فيلزمه إقراره ، فكان معذورا .

ولنا ، أن عليه في السفر ضررا ، لالتزامه كلفته ، وقد يكون له حوائج وتجارة ينقطع عنها ، وتضيع بغيبته ، والتوكيل إن كان بجعل لزمه غرم ، وإن كان بغير جعل لزمته منة . ويخاف الضرر من جهته ، فاكتفى بالإشهاد .

فأما إن ترك السفر ، لعجزه عنه ، أو لضرر يلحقه فيه ، لم تبطل شفعته ، وجها واحدا ; لأنه معذور ، فأشبه من لم يعلم . وإن لم يقدر على الإشهاد ، وأمكنه السفر أو التوكيل ، فلم يفعل ، بطلت شفعته ; لأنه تارك للطلب بها مع إمكانه ، من غير وجود ما يقوم مقام الطلب ، فسقطت ، كما لو كان حاضرا .

التالي السابق


الخدمات العلمية