صفحة جزء
فإن ساقاه على مدة لا تكمل فيها الثمرة ، فالمساقاة فاسدة . فإذا عمل فيها ، فظهرت الثمرة ولم تكمل ، فله أجر مثله ، في أحد الوجهين ، وفي الآخر ، لا شيء له ; لأنه رضي بالعمل بغير عوض ، فهو كالمتبرع

والأول أصح ; لأن هذا لم يرض إلا بعوض ، وهو جزء من الثمرة ، وذلك الجزء موجود ، غير أنه لا يمكن تسليمه إليه ، فلما تعذر دفع العوض الذي اتفقا عليه إليه ، كان له أجر مثله ، كما في الإجارة الفاسدة . وفارق المتبرع ; فإنه رضي بغير شيء . وإن لم تظهر الثمرة فلا شيء له ، في أصح الوجهين ; لأنه رضي بالعمل بغير عوض . وإن ساقاه إلى مدة تكمل فيها الثمرة غالبا ، فلم يحمل تلك السنة ، فلا شيء للعامل ; لأنه عقد صحيح ، لم يظهر فيه النماء الذي اشترط جزؤه ، فأشبه المضاربة إذا لم يربح فيها

وإن ظهرت الثمرة ، ولم تكمل ، فله نصيبه منها ، وعليه إتمام العمل فيها ، كما لو انفسخت قبل كمالها . وإن ساقاه إلى مدة يحتمل أن يكون للشجر ثمرة . ويحتمل أن لا يكون ، ففي صحة المساقاة وجهان : أحدهما تصح ; لأن الشجر يحتمل أن يحمل ، ويحتمل أن لا يحمل ، والمساقاة جائزة فيه . والثاني لا يصح ; لأنه عقد على معدوم ، ليس الغالب وجوده ، فلم تصح ، [ ص: 235 ] كالسلم في مثل ذلك ، ولأن ذلك غرر أمكن التحرز عنه ، فلم يجز العقد معه ، كما لو شرط ثمر نخلة بعينها . وفارق ما إذا شرط مدة تكمل فيها الثمرة ، فإن الغالب أن الشجر يحمل ، واحتمال أن لا يحمل نادر ، لم يمكن التحرز عنه

فإن قلنا : العقد صحيح . فله حصته من الثمر . فإن لم يحمل ، فلا شيء له . وإن قلنا : هو فاسد . استحق أجر المثل ، سواء حمل أو لم يحمل ; لأنه لم يرض بغير عوض ، ولم يسلم له العوض ، فكان له العوض ، وجها واحدا ، بخلاف ما لو جعل الأجل إلى مدة لا يحمل في مثلها غالبا . ومتى خرجت الثمرة قبل انقضاء الأجل ، فله حقه منها إذا قلنا بصحة العقد ، وإن خرجت بعده ، فلا حق له فيها . ومذهب الشافعي في هذا قريب مما ذكرنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية