صفحة جزء
( 4126 ) فصل : ومتى قلنا بجوازها ، لم يفتقر إلى ضرب مدة ; لأن إبقاءها إليهما ، وفسخها جائز لكل واحد منهما متى شاء ، فلم تحتج إلى مدة ، كالمضاربة . وإن قدرها بمدة جاز ; لأنه لا ضرر في التقدير ، وقد بينا جواز ذلك في المضاربة ، والمساقاة مثلها . وتنفسخ بموت كل واحد منهما وجنونه والحجر عليه لسفه ، كقولنا في المضاربة

فإذا مات العامل أو رب المال ، انفسخت المساقاة فكان الحكم فيها كما لو فسخها أحدهما ، على ما أسلفناه . وإن قلنا بلزومها ، لم ينفسخ العقد ، ويقوم الوارث مقام الميت منهما ; لأنه عقد لازم ، فأشبه الإجارة . ولكن إن كان الميت العامل ، فأبى وارثه القيام مقامه ، لم يجبر ; لأن الوارث لا يلزمه من الحقوق التي على موروثه إلا ما أمكن دفعه من تركته ، والعمل ليس مما يمكن ذلك فيه

فعلى هذا يستأجر الحاكم من التركة من يعمل العمل ، فإن لم تكن له تركة ، أو تعذر الاستئجار منها ، فلرب المال الفسخ ; لأنه تعذر استيفاء المعقود عليه ، فيثبت الفسخ ، كما لو تعذر ثمن المبيع قبل قبضه ، ثم إن كانت الثمرة قد ظهرت ، بيع من نصيب العامل ما يحتاج إليه لأجر ما بقي من العمل ، واستؤجر من يعمل ذلك . وإن احتيج إلى بيع الجميع ، بيع

ثم لا يخلو إما أن تكون الثمرة قد بدا صلاحها أو لم يبد ، فإن كانت قد بدا صلاحها ، خير المالك بين البيع والشراء ، فإن اشترى نصيب العامل جاز ، وإن اختار بيع نصيبه أيضا باعه ، وباع الحاكم نصيب العامل ، وإن أبى البيع والشراء ، باع الحاكم نصيب العامل وحده ، وما بقي على العامل من العمل يكتري عليه من يعمله ، وما فضل لورثته ، وإن كان لم يبد صلاحها خير المالك أيضا ، فإن بيع لأجنبي لم يجز إلا بشرط القطع ، ولا يجوز بيع نصيب العامل وحده ، لأنه لا يمكنه قطعه إلا بقطع نصيب المالك ، فيقف إمكان قطعه على قطع ملك غيره

[ ص: 236 ] وهل يجوز شراء المالك لها ؟ على وجهين ، وهكذا الحكم إذا انفسخت المساقاة بموت العامل ، لقولنا بجوازها وأبى الوارث العمل . وإن اختار رب المال البقاء على المساقاة ، لم تنفسخ إذا قلنا بلزومها ، ويستأذن الحاكم في الإنفاق على الثمرة ، ويرجع بما أنفق ، فإن عجز عن استئذان الحاكم ، فأنفق محتسبا بالرجوع ، وأشهد على الإنفاق بشرط الرجوع ، رجع بما أنفق . وهذا أحد الوجهين لأصحاب الشافعي ; لأنه مضطر . وإن أمكنه استئذان الحاكم ، فأنفق بنية الرجوع من غير استئذانه ، فهل يرجع بذلك ؟ على وجهين ، بناء على ما إذا قضي دينه بغير إذنه

وإن تبرع بالإنفاق ، لم يرجع بشيء ، كما لو تبرع بالصدقة . والحكم فيما إذا أنفق على الثمرة بعد فسخ العقد إذا تعذر بيعها ، كالحكم ها هنا سواء .

التالي السابق


الخدمات العلمية