صفحة جزء
فأما إجارتها بطعام ، فتنقسم ثلاثة أقسام أحدها ، أن يؤجرها بمطعوم غير الخارج منها معلوم ، فيجوز . نص عليه أحمد ، في رواية الحسن بن ثواب . وهو قول أكثر أهل العلم ; منهم سعيد بن جبير ، وعكرمة ، والنخعي ، والشافعي ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي . ومنع منه مالك ، حتى منع إجارتها باللبن والعسل

وقد روي عن أحمد ، أنه قال : ربما تهيبته . قال القاضي : هذا من أحمد على سبيل الورع ، ومذهبه الجواز . والحجة لمالك ، ما روى رافع بن خديج ، عن بعض عمومته قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { : من كانت له أرض فلا يكريها بطعام مسمى } رواه أبو داود [ ص: 249 ] وابن ماجه . وروى ظهير بن رافع قال : { دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما تصنعون بمحاقلكم ؟ قلت : نؤاجرها على الربع ، أو على الأوسق من التمر أو الشعير . قال : لا تفعلوا ازرعوها أو أمسكوها } . متفق عليه . وروى أبو سعيد قال { : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة }

والمحاقلة : استكراء الأرض بالحنطة . ولنا قول رافع : فأما بشيء معلوم مضمون فلا بأس به .

ولأنه عوض معلوم مضمون ، لا يتخذ وسيلة إلى الربا ، فجازت إجارتها به ، كالأثمان . وحديث ظهير بن رافع قد سبق الكلام عليه في المزارعة ، على أنه يحتمل النهي عن إجارتها بذلك إذا كان خارجا منها ، ويحتمل النهي عنه إذا آجرها بالربع والأوسق . وحديث أبي سعيد يحتمل المنع من كرائها بالحنطة ، إذا اكتراها لزرع الحنطة .

التالي السابق


الخدمات العلمية