صفحة جزء
( 4205 ) فصل : إذا أجر عينا ، ثم باعها ، صح البيع ، نص عليه أحمد ، سواء باعها للمستأجر أو لغيره . وبهذا قال الشافعي في أحد قوليه ، وقال في الآخر : إن باعها لغير المستأجر ، لم يصح البيع ; لأن يد المستأجر حائلة تمنع التسليم إلى المشتري ، فمنعت الصحة ، كما في بيع المغصوب . ولنا أن الإجارة عقد على المنافع ، فلم تمنع الصحة ، كما لو زوج أمته ، ثم باعها . وقولهم : يد المستأجر حائلة دون التسليم . لا يصح ; لأن يد المستأجر إنما هي على المنافع ، والبيع على الرقبة ، فلا يمنع ثبوت اليد على [ ص: 274 ] أحدهما تسليم الآخر

كما لو باع الأمة المزوجة ، ولئن منعت التسليم في الحال ، فلا تمنع في الوقت الذي يجب التسليم فيه ، وهو عند انقضاء الإجارة ، ويكفي القدرة على التسليم حينئذ ، كالمسلم فيه . وقال أبو حنيفة : البيع موقوف على إجازة المستأجر فإن أجازه جاز ، وبطلت الإجارة ، وإن رده بطل . ولنا أن البيع على غير المعقود عليه في الإجارة ، فلم تعتبر إجازته ، كبيع الأمة المزوجة . إذا ثبت هذا ، فإن المشتري يملك المبيع مسلوب المنفعة إلى حين انقضاء الإجارة ، ولا يستحق تسليم العين إلا حينئذ ; لأن تسليم العين إنما يراد لاستيفاء نفعها ، ونفعها إنما يستحقه إذا انقضت الإجارة ، فيصير هذا بمنزلة من اشترى عينا في مكان بعيد ، فإنه لا يستحق تسليمها إلا بعد مضي مدة يمكن إحضارها فيها

كالمسلم إلى وقت لا يستحق تسلم المسلم فيه إلا في وقته ، فإن لم يعلم المشتري بالإجارة ، فله الخيار بين الفسخ وإمضاء البيع بكل الثمن ; لأن ذلك عيب ونقص .

التالي السابق


الخدمات العلمية