صفحة جزء
( 4275 ) مسألة وقال : ( وما حدث في السلعة من يد الصانع ، ضمن ) وجملته أن الأجير على ضربين خاص ، ومشترك ، فالخاص : هو الذي يقع العقد عليه في مدة معلومة ، يستحق المستأجر نفعه في جميعها ، كرجل استؤجر لخدمة ، أو عمل في بناء أو خياطة ، أو رعاية ، يوما أو شهرا ، سمي خاصا لاختصاص المستأجر بنفعه في تلك المدة دون سائر الناس . والمشترك : الذي يقع العقد معه على عمل معين ، كخياطة ثوب ، وبناء حائط ، وحمل شيء إلى مكان معين ، أو على عمل في مدة لا يستحق جميع نفعه فيها ، كالكحال ، والطبيب ، سمي مشتركا لأنه يتقبل أعمالا لاثنين وثلاثة وأكثر في وقت واحد

ويعمل لهم ، فيشتركون في منفعته واستحقاقها ، فسمي مشتركا لاشتراكهم في منفعته . فالأجير المشترك هو الصانع الذي ذكره الخرقي ، وهو ضامن لما جنت يده ، فالحائك إذا أفسد حياكته ضامن لما أفسد

. نص أحمد على هذه المسألة ، في رواية ابن منصور . والقصار ضامن لما يتخرق من دقه أو مده أو عصره أو بسطه . والطباخ ضامن لما أفسد من طبيخه . والخباز ضامن لما أفسد من خبزه ، والحمال يضمن ما يسقط من حمله عن رأسه ، أو تلف من عثرته . والجمال يضمن ما تلف بقوده ، وسوقه ، وانقطاع حبله الذي يشد به حمله

والملاح يضمن ما تلف من يده ، أو جذفه ، أو ما يعالج به السفينة . وروي ذلك عن عمر ، وعلي ، وعبد الله بن عتبة ، وشريح ، والحسن ، والحكم . وهو قول أبي حنيفة ، ومالك ، وأحد قولي الشافعي ، وقال في الآخر : لا يضمن ، ما لم يتعد . قال الربيع : هذا مذهب الشافعي ، وإن لم يبح به

وروي ذلك عن عطاء ، وطاوس ، وزفر ; لأنها عين مقبوضة بعقد الإجارة ، فلم تصر مضمونة ، كالعين المستأجرة . ولنا ما روى جعفر بن محمد ، عن أبيه عن علي أنه كان يضمن الصباغ والصواغ ، وقال : لا يصلح الناس إلا ذلك . وروى الشافعي ، في " مسنده " ، بإسناده عن علي ، أنه كان يضمن الأجراء ، ويقول : لا يصلح الناس إلا هذا . ولأن عمل الأجير المشترك مضمون عليه ، فما تولد منه يجب أن يكون مضمونا ، كالعدوان بقطع عضو ، بخلاف الأجير الخاص

والدليل على أن عمله مضمون عليه ، أنه لا يستحق العوض إلا بالعمل ، وأن الثوب لو تلف في حرزه بعد عمله ، لم يكن له أجر فيما عمل فيه ، وكان ذهاب عمله من ضمانه ، بخلاف الخاص ، فإنه إذا أمكن المستأجر من استعماله ، استحق العوض بمضي المدة وإن لم يعمل ، وما عمل فيه من شيء فتلف من حرزه ، لم يسقط أجره بتلفه .

التالي السابق


الخدمات العلمية