صفحة جزء
( 4285 ) فصل : وكل من استؤجر على عمل في عين ، فلا يخلو ; إما أن يوقعه وهي في يد الأجير ، كالصباغ يصبغ في حانوته ، والخياط في دكانه ، فلا يبرأ من العمل حتى يسلمها إلى المستأجر ، ولا يستحق الأجر حتى يسلمه مفروغا منه ; لأن المعقود عليه في مدة ، فلا يبرأ منه ما لم يسلمه إلى العاقد ، كالمبيع من الطعام ، لا يبرأ منه قبل تسليمه إلى المشتري . وأما إن كان يوقع العمل في ملك المستأجر ، مثل أن يحضره المستأجر إلى داره ليخيط فيها ، أو يصبغ فيها ، فإنه يبرأ من العمل ، ويستحق أجره بمجرد عمله ; لأنه في يد المستأجر ، فيصير مسلما للعمل حالا فحالا

ولو استأجر رجلا يبني له حائطا في داره ، أو يحفر فيها بئرا ، لبرئ من العمل ، واستحق أجره بمجرد عمله . ولو كانت البئر في الصحراء ، أو الحائط ، لم يبرأ بمجرد العمل . [ ص: 310 ] ولو انهارت عقيب الحفر ، أو الحائط بعد بنائه وقبل تسليمه ، لم يبرأ من العمل . نص عليه أحمد ، في رواية ابن منصور . فإنه إذا قال : استعمل ألف لبنة في كذا وكذا . فعمل ، ثم سقط ، فله الكراء

وأما الأجير الخاص فيستحق أجره بمضي المدة ، سواء تلف ما عمله أو لم يتلف . نص عليه أحمد ، فقال : إذا استأجره يوما ، فعمل ، وسقط عند الليل ما عمل ، فله الكراء ; وذلك لأنه إنما يلزمه تسليم نفسه ، وعمل ما يستعمل فيه ، وقد وجد ذلك منه ، بخلاف الأجير المشترك . ولو استأجر أجيرا ليبني له حائطا طوله عشرة أذرع ، فبنى بعضه ، فسقط ، لم يستحق شيئا حتى يتممه ، سواء كان في ملك المستأجر أو في غيره ; لأن الاستحقاق مشروط بإتمامه ، ولم يوجد

قال أحمد : إذا قيل له : ارفع حائطا كذا وكذا ذراعا . فعليه أن يوفيه ، فإن سقط ، فعليه التمام . وكذا لو استأجره ليحفر له بئرا عمقها عشرة أذرع ، فحفر منها خمسة ، وانهار فيها تراب من جوانبها ، لم يستحق شيئا حتى يتمم حفرها .

التالي السابق


الخدمات العلمية