صفحة جزء
( 4324 ) فصل : فإن أعطي المعلم شيئا من غير شرط ، فظاهر كلام أحمد جوازه . وقال ، فيما نقل عنه أيوب بن سافري : لا يطلب ، ولا يشارط ، فإن أعطي شيئا أخذه . وقال ، في رواية أحمد بن سعيد : أكره أجر المعلم إذا شرط . وقال : إذا كان المعلم لا يشارط ، ولا يطلب من أحد شيئا ، إن أتاه شيء قبله . كأنه يراه أهون . وكرهه طائفة من أهل العلم ; لما تقدم من حديث القوس والخميصة اللتين أعطيهما أبي وعبادة من غير شرط .

ولأن ذلك قربة ، فلم يجز أخذ العوض عنها ، لا بشرط ولا بغيره ، كالصلاة والصيام . ووجه الأول ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : { ما أتاك من هذا المال من غير مسألة ولا إشراف نفس ، فخذه ، وتموله ; فإنه رزق ساقه الله [ ص: 325 ] إليك } . وقد أرخص النبي صلى الله عليه وسلم لأبي في أكل طعام الذي كان يعلمه ، إذا كان طعامه وطعام أهله . ولأنه إذا كان بغير شرط ، كان هبة مجردة ، فجاز ، كما لو لم يعلمه شيئا . فأما حديث القوس والخميصة ، فقضيتان في عين ، فيحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم علم أنهما فعلا ذلك لله خالصا ، فكره أخذ العوض عنه من غير الله تعالى . ويحتمل غير ذلك

وإن أعطي المعلم أجرا على تعليم الصبي الخط وحفظه ، جاز . نص عليه أحمد ، فقال : إن كان المعطي ينوي أن يعطيه لحفظ الصبي وتعليمه ، فأرجو إذا كان كذا . ولأن هذا مما يجوز أخذ الأجر عليه مفردا ، فجاز مع غيره ، كسائر ما يجوز الاستئجار عليه . وهكذا لو كان إمام المسجد قيما له ، يسرج قناديله ، ويكنسه ، ويغلق بابه ويفتحه ، فأخذ أجرا على خدمته ، أو كان النائب في الحج يخدم المستنيب له في طريق الحج ، ويشد له ، ويرفع حمله ، ويحج عن أبيه ، فدفع له أجرا لخدمته ، لم يمتنع ذلك ، إن شاء الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية