صفحة جزء
( 447 ) مسألة : قال ( وأقل الحيض : يوم وليلة ، وأكثره خمسة عشر يوما ) هذا الصحيح من مذهب أبي عبد الله ، وقال الخلال : مذهب أبي عبد الله لا اختلاف فيه ، أن أقل الحيض يوم ، وأكثره خمسة عشر يوما . وقيل عنه : أكثره سبعة عشر يوما وللشافعي قولان ، كالروايتين في أقله وأكثره . وقال إسحاق بن راهويه : قال عطاء : الحيض يوم واحد وقال سعيد بن جبير : أكثره ثلاثة عشر يوما .

وقال الثوري ، وأبو حنيفة ، وصاحباه : أقله ثلاثة أيام ، وأكثره عشرة ; لما روى واثلة بن الأسقع ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أقل الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة . } وقال أنس : قرء المرأة : ثلاث ، أربع ، خمس ، ست ، سبع ، ثمان ، تسع ، عشرة . ولا يقول أنس ذلك إلا توقيفا ، وقال مالك بن أنس : ليس لأقله حد ، يجوز أن يكون ساعة ; لأنه لو كان لأقله حد ، لكانت المرأة لا تدع الصلاة حتى يمضي ذلك الحد . ولنا أنه ورد في الشرع مطلقا من غير تحديد ، ولا حد له في اللغة ، ولا في الشريعة ، فيجب الرجوع فيه إلى العرف والعادة ، كما في القبض ، والإحراز ، والتفرق ، وأشباهها ، وقد وجد حيض معتاد يوما ، قال عطاء : رأيت من النساء من تحيض يوما ، وتحيض خمسة عشر . وقال أحمد : حدثني يحيى بن آدم ، قال : سمعت شريكا يقول : عندنا امرأة تحيض كل شهر خمسة عشر يوما حيضا مستقيما .

وقال ابن المنذر : قال الأوزاعي : عندنا امرأة تحيض غدوة وتطهر عشيا . يرون أنه حيض تدع له الصلاة . وقال الشافعي رأيت امرأة أثبت لي عنها أنها لم تزل تحيض يوما لا تزيد عليه ، وأثبت لي عن نساء أنهن لم يزلن يحضن أقل من ثلاثة أيام . وذكر إسحاق بن راهويه عن بكر بن عبد الله المزني ، أنه قال : تحيض امرأتي يومين . قال إسحاق : وقالت امرأة من أهلنا معروفة : لم أفطر منذ عشرين سنة في شهر رمضان إلا يومين . وقولهن يجب الرجوع إليه ، لقوله تعالى { : ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن } فلولا أن قولهن مقبول ما حرم عليهن الكتمان ، وجرى ذلك مجرى قوله : { ولا تكتموا الشهادة } .

ولم يوجد حيض أقل من ذلك عادة مستمرة في عصر من الأعصار ، فلا يكون حيضا بحال . وحديث واثلة يرويه محمد بن أحمد الشامي ، وهو ضعيف ، عن حماد بن المنهال ، وهو مجهول . وحديث أنس يرويه الجلد بن أيوب ، وهو ضعيف . قال ابن عيينة : هو حديث لا أصل له . وقال أحمد في حديث أنس : ليس هو [ ص: 190 ] شيئا هذا من قبل الجلد بن أيوب ، قيل : إن محمد بن إسحاق رواه ، وقال : ما أراه سمعه إلا من الحسن بن دينار . وضعفه جدا . قال : وقال يزيد بن زريع : ذاك أبو حنيفة لم يحتج إلا بالجلد بن أيوب ، وحديث الجلد قد روي عن علي رضي الله عنه ما يعارضه . فإنه قال : ما زاد على خمسة عشر استحاضة

، وأقل الحيض يوم وليلة

التالي السابق


الخدمات العلمية