صفحة جزء
( 4464 ) فصل : وقول الخرقي : " أمر برده " . يدل على أن للأب الرجوع فيما وهب لولده . وهو ظاهر مذهب أحمد ، سواء قصد برجوعه التسوية بين الأولاد أو لم يرد ، وهذا مذهب مالك ، والأوزاعي ، والشافعي ، وإسحاق ، وأبي ثور . وعن أحمد ، رواية أخرى : ليس له الرجوع فيها . وبها قال أصحاب الرأي ، والثوري ، والعنبري ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم { : العائد [ ص: 390 ] في هبته ، كالعائد في قيئه } . متفق عليه

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : من وهب هبة يرى أنه أراد بها صلة رحم ، أو على وجه صدقة ، فإنه لا يرجع فيها ، ومن وهب هبة أراد بها الثواب ، فهو على هبته ، يرجع فيها إذا لم يرض منها . رواه مالك ، في " الموطأ " . ولأنها هبة يحصل بها الأجر من الله تعالى ، فلم يجز الرجوع فيها ، كصدقة التطوع . ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم لبشير بن سعد : " فاردده " . وروي : " فأرجعه " . رواه كذلك مالك عن الزهري ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن النعمان فأمره بالرجوع في هبته ،

وأقل أحوال الأمر الجواز وقد امتثل بشير بن سعد في ذلك ، فرجع في هبته لولده ، ألا تراه قال في الحديث : فرجع أبي ، فرد تلك الصدقة . وحمل الحديث على أنه لم يكن أعطاه شيئا ، يخالف ظاهر الحديث ; لقوله : تصدق علي أبي بصدقة . وقول بشير : إني نحلت ابني غلاما يدل على أنه كان قد أعطاه . وقول النبي صلى الله عليه وسلم : " فاردده " . وقوله : " فأرجعه " . وروى طاوس ، عن ابن عمر ، وابن عباس ، يرفعان الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { : ليس لأحد أن يعطي عطية ، فيرجع فيها ، إلا الوالد فيما يعطي ولده } رواه الترمذي . وقال : حديث حسن .

وهذا يخص عموم ما رووه ويفسره . وقياسهم منقوض بهبة الأجنبي ; فإن فيها أجرا وثوابا ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم ندب إليها . وعندهم له الرجوع فيها ، والصدقة على الولد كمسألتنا ، وقد دل حديث النعمان بن بشير على الرجوع في الصدقة ; لقوله : تصدق علي أبي بصدقة .

التالي السابق


الخدمات العلمية