صفحة جزء
( 4465 ) فصل : وظاهر كلام الخرقي ، أن الأم كالأب ، في الرجوع في الهبة ; لأن قوله : " وإذا فاضل بين أولاده " يتناول كل والد ، ثم قال في سياقه : " أمر برده " . فيدخل فيه الأم . وهذا مذهب الشافعي ; لأنها داخلة في قوله : " إلا الوالد فيما يعطي ولده " . ولأنها لما دخلت في قول النبي صلى الله عليه وسلم { : سووا بين أولادكم } . ينبغي أن يتمكن من التسوية ، والرجوع في الهبة طريق في التسوية ، وربما تعين طريقا فيها إذا لم يمكن إعطاء الآخر مثل عطية الأول .

ولأنها لما دخلت في المعنى في حديث بشير بن سعد ، فينبغي أن تدخل في جميع مدلوله ; لقوله : " فاردده " . وقوله : " فأرجعه " . ولأنها لما ساوت الأب في تحريم تفضيل بعض ولدها ، ينبغي أن تساويه في التمكن من الرجوع فيما فضله به ، تخليصا لها من الإثم ، وإزالة للتفضيل المحرم ، كالأب . والمنصوص عن أحمد أنه ليس لها الرجوع . قال الأثرم : قلت لأبي عبد الله : الرجوع للمرأة فيما أعطته ولدها كالرجل ؟ قال : ليس هي عندي في هذا كالرجل ; لأن للأب أن يأخذ من مال ولده ، والأم لا تأخذ

وذكر حديث عائشة { : أطيب ما أكل الرجل من كسبه ، وإن ولده من كسبه } . أي كأنه الرجل . قال أصحابنا : والحديث حجة لنا ، فإنه خص الوالد ، وهو بإطلاقه إنما يتناول الأب دون الأم ، والفرق بينهما أن للأب ولاية على ولده ، ويحوز جميع المال في الميراث ، والأم بخلافه . وقال مالك : للأم الرجوع في هبة ولدها ما كان أبوه حيا ، فإن كان ميتا ، فلا رجوع لها ; لأنها هبة ليتيم وهبة اليتيم ، لازمة ، كصدقة التطوع ، ومن مذهبه أنه لا يرجع في صدقة التطوع .

التالي السابق


الخدمات العلمية