صفحة جزء
( 4477 ) فصل : وليس للولد مطالبة أبيه بدين عليه . وبه قال الزبير بن بكار . وهو مقتضى قول سفيان بن عيينة . وقال أبو حنيفة ، ومالك ، والشافعي : له ذلك ; لأنه دين ثابت ، فجازت المطالبة به ، كغيره .

[ ص: 396 ] ولنا { أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأبيه يقتضيه دينا عليه ، فقال : أنت ومالك لأبيك } . رواه أبو محمد الخلال بإسناده . وروى الزبير بن بكار ، في كتاب " الموفقيات " ، بإسناده ، أن رجلا استقرض من ابنه مالا ، فحبسه ، فأطال حبسه ، فاستعدى عليه الابن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وذكر قصته في شعر ، فأجابه أبوه بشعر أيضا ، فقال علي رضي الله عنه :

قد سمع القاضي ومن ربي الفهم المال للشيخ جزاء بالنعم


يأكله برغم أنف من رغم     من قال قولا غير ذا فقد ظلم


وجار في الحكم وبئس ما جرم

قال الزبير : إلى هذا نذهب .

ولأن المال أحد نوعي الحقوق ، فلم يملك مطالبة أبيه بها ، كحقوق الأبدان . ويفارق الأب غيره ، بما ثبت له من الحق على ولده . وإن مات الابن ، فانتقل الدين إلى ورثته ، لم يملكوا مطالبة الأب به ; لأن موروثهم لم يكن له المطالبة ، فهم أولى . وإن مات الأب ، رجع الابن في تركته بدينه ; لأن دينه لم يسقط عن الأب ، وإنما تأخرت المطالبة . وقد روي عن أحمد ، أنه قال : إذا مات الأب ، بطل دين الابن . وقال في من أخذ من مهر ابنته شيئا فأنفقه : فليس عليه شيء ، ولا يؤخذ من بعده ، وما أصابت من المهر من شيء بعينه أخذته

وتأول بعض أصحابنا كلامه على أن له ما أخذه على سبيل التمليك . ويحتمل أن يكون أخذه له ، وإنفاقه إياه ، دليلا على قصد التملك ، فيثبت الملك بذلك الأخذ . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية