صفحة جزء
( 4503 ) مسألة قال : ( فإن جاء ربها ، وإلا كانت كسائر ماله ) وجملته أنه إذا عرف اللقطة حولا ، فلم تعرف ، ملكها ملتقطها ، وصارت من ماله ، كسائر أمواله ، غنيا كان الملتقط أو فقيرا . وروي نحو ذلك عن عمر ، وابن مسعود ، وعائشة رضي الله عنهم . وبه قال عطاء ، والشافعي ، وإسحاق ، وابن المنذر . وروي ذلك عن علي ، وابن عباس ، والشعبي ، والنخعي ، وطاوس ، وعكرمة

وقال مالك ، والحسن بن صالح ، والثوري ، وأصحاب الرأي : يتصدق بها ، فإذا جاء صاحبها خيره بين الأجر والغرم ; لما روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم { أنه سئل عن اللقطة ، فقال : عرفها حولا . وروي : ثلاثة أحوال ، فإن جاء ربها ، وإلا تصدق بها ، فإذا جاء ربها ، فرضي بالأجر ، وإلا غرمها } . ولأنها مال لمعصوم ، لم يرض بزوال ملكه عنها ، ولا وجد منه سبب يقتضي ذلك ، فلم يزل ملكه عنه ، كغيرها

قالوا : وليس له أن يتملكها ، إلا أن أبا حنيفة قال : له ذلك إن كان فقيرا من غير ذوي القربى ; لما روى عياض بن حمار المجاشعي ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من وجد لقطة فليشهد عليها ذا عدل ، ولا يكتم ولا يغيب ، فإن وجد صاحبها فليرددها عليه ، وإلا فهي مال الله يؤتيه من يشاء } . رواه النسائي . قالوا : وما يضاف إلى الله تعالى ، إنما يتملكه من يستحق الصدقة . ونقل حنبل ، عن أحمد مثل هذا القول

وأنكره الخلال ، وقال : ليس هذا مذهبا لأحمد . [ ص: 8 ] ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث زيد بن خالد : { فإن لم تعرف ، فاستنفقها } . وفي لفظ : " وإلا فهي كسبيل مالك " . وفي لفظ : " ثم كلها " . وفي لفظ : " فانتفع بها " . وفي لفظ : " فشأنك بها " . وفي حديث أبي بن كعب : " فاستنفقها " . وفي لفظ : " فاستمتع بها " . وهو حديث صحيح . ولأن من ملك بالقرض ملك باللقطة كالفقير ، ومن جاز له الالتقاط ملك به بعد التعريف ، كالفقير . وحديثهم عن أبي هريرة لم يثبت ، ولا نقل في كتاب يوثق به

ودعواهم في حديث عياض أن ما يضاف إلى الله لا يتملكه إلا من يستحق الصدقة . لا برهان لها ، ولا دليل عليها ، وبطلانها ظاهر ; فإن الأشياء كلها تضاف إلى الله تعالى خلقا وملكا ، قال الله تعالى : { وآتوهم من مال الله الذي آتاكم } .

التالي السابق


الخدمات العلمية