صفحة جزء
( 4518 ) فصل : وإن ضاعت اللقطة من ملتقطها بغير تفريط ، فلا ضمان عليه ; لأنها أمانة في يده ، فأشبهت الوديعة . فإن التقطها آخر ، فعرف أنها ضاعت من الأول ، فعليه ردها إليه ; لأنه قد ثبت له حق التمول وولاية التعريف والحفظ ، فلا يزول ذلك بالضياع . فإن لم يعلم الثاني بالحال حتى عرفها حولا ، ملكها ; لأن سبب الملك وجد منه من غير عدوان ، فيثبت الملك به كالأول ، ولا يملك الأول انتزاعها ; لأن الملك مقدم على حق التملك ، وإذا جاء صاحبها فله أخذها من الثاني ، وليس له مطالبة الأول ; لأنه لم يفرط ، وإن علم الثاني بالأول ، فردها إليه ، فأبى أخذها ، وقال : عرفها أنت

فعرفها ، ملكها أيضا ; لأن الأول ترك حقه فسقط . وإن قال : عرفها ، ويكون ملكها لي . ففعل ، فهو مستنيب له في التعريف ، ويملكها الأول ; لأنه وكله في التعريف ، فصح ، كما لو كانت في يد الأول . وإن قال : عرفها ، وتكون بيننا . ففعل ، صح أيضا ، وكانت بينهما ; لأنه أسقط حقه من نصفها ، ووكله في الباقي . وإن قصد الثاني بالتعريف تملكها لنفسه دون الأول ، احتمل وجهين ; أحدهما ، يملكها ; لأن سبب الملك وجد منه ، فملكها ، كما لو أذن له الأول في تعريفها لنفسه

والثاني لا يملكها ; لأن ولاية التعريف للأول ، أشبه ما لو غصبها من الملتقط غاصب فعرفها . وكذلك الحكم إذا علم الثاني بالأول فعرفها ، ولم يعلمه بها . ويشبه هذا المتحجر في الموات إذا سبقه غيره إلى ما حجره ، فأحياه بغير إذنه . فأما إن غصبها غاصب من الملتقط ، فعرفها ، لم يملكها ، وجها واحدا ; لأنه معتد بأخذها ولم يوجد منه سبب تملكها ، فإن الالتقاط من جملة السبب ، ولم يوجد منه . ويفارق هذا ما إذا التقطها ثان ، فإنه وجد منه الالتقاط والتعريف .

التالي السابق


الخدمات العلمية