صفحة جزء
( 4602 ) فصل : إذا وصى لوارثه وأجنبي بثلثه ، فأجاز سائر الورثة وصية الوارث ، فالثلث بينهما . وإن وصى لكل واحد منهما بمعين قيمتهما الثلث ، فأجاز سائر الورثة وصية الوارث ، جازت الوصية لهما . وإن ردوا بطلت وصية الوارث في المسألتين ، وللأجنبي السدس في الأولى ، والمعين الموصى له به في الثانية . وهذا قول مالك ، والشافعي وأصحاب الرأي ، وغيرهم . وإن كانت الوصيتان بثلثي ماله ، فأجاز الورثة لهما . جازت لهما . وإن عينوا نصيب الوارث بالرد وحده ، فللأجنبي الثلث كاملا ; لأنهم خصوا الوارث بالإبطال ، فالثلث كله للأجنبي ، وسقطت وصية الوارث ، فصار كأنه لم يوص له . وإن أبطلوا الزائد عن الثلث من غير تعيين نصيب أحدهما ، فالثلث الباقي بين الوصيين ، لكل واحد منهما السدس . هذا الذي ذكره القاضي . وهو قول مالك ، والشافعي .

وذلك لأن الوارث يزاحم الأجنبي ، إذا أجاز الورثة الوصيتين ، فيكون لكل واحد منهما الثلث ، فإذا أبطلوا نصفهما بالرد ، كان البطلان راجعا إليهما ، وما بقي منهما بينهما ، كما لو تلف ذلك بغير الرد . واختار أبو الخطاب أن الثلث جميعه للأجنبي . وحكي نحو هذا عن أبي حنيفة ; لأنهم لا يقدرون على إبطال الثلث فما دون إذا كان للأجنبي ، ولو جعلنا الوصية بينهما لملكوا إبطال ما زاد على السدس ، فإن صرح الورثة بذلك ، فقالوا : أجزنا الثلث لكما ، ورددنا ما زاد عليه في وصيتكما . أو قالوا : رددنا من وصية كل واحد منكما نصفها ، وبقينا له نصفها . كان ذلك آكد في جعل السدس لكل واحد منهما ; لتصريحهم به ، وإن قالوا : أجزنا وصية الوارث كلها ، ورددنا نصف وصية الأجنبي . فهو على ما قالوا ; لأن لهم أن يجيزوا لهما ويردوا عليهما ، فكان لهم أن يجيزوا لأحدهما ويردوا على الآخر . وإن أجازوا للأجنبي جميع وصيته ، وردوا على الوارث نصف وصيته جاز ، كما قلنا . وإن أرادوا أن ينقصوا الأجنبي عن نصف وصيته ، لم يملكوا ذلك ، سواء أجازوا للوارث أو ردوا عليه . فإن ردوا جميع وصية الوارث ، ونصف وصية الأجنبي ، فعلى قول القاضي ، لهم ذلك ; لأن لهم أن يجيزوا الثلث لهما ، فيشتركان فيه ، ويكون لكل واحد منهما نصفه ، ثم إذا رجعوا فيما للوارث ، لم يرد الأجنبي على ما كان له في حالة الإجازة للوارث . وعلى قول أبي الخطاب ، يتوفر الثلث كله للأجنبي ; لأنه إنما ينتقص منه بمزاحمة الوارث ، فإذا زالت المزاحمة ، وجب توفير الثلث عليه ; لأنه قد أوصى له به . ولو خلف ابنين ، ووصى لهما بثلثي ماله ، ولأجنبي بالثلث ، فردا الوصية . فقال أبو الخطاب : عندي للأجنبي الثلث كاملا . وعند القاضي ، له التسع . ويجيء فيه من الفروع مثل ما ذكرنا في التي قبلها .

التالي السابق


الخدمات العلمية