صفحة جزء
( 4615 ) فصل : وإذا أوصى بجارية لزوجها الحر ، فقبلها ، انفسخ النكاح ; لأن النكاح لا يجتمع مع ملك اليمين . وظاهر المذهب أن الموصى له إنما يملك بالقبول ، فحينئذ ينفسخ النكاح . وفيه وجه آخر ، أنه إذا قبل تبينا أن الملك كان ثابتا من حين موت الموصي ، فتبين حينئذ أن النكاح انفسخ من حين موت الموصي ، فإن أتت بولد لم تخل من ثلاثة أحوال : أحدها ، أن تكون حاملا به حين الوصية ، ويعلم ذلك بأن تأتي به لأقل من ستة أشهر منذ أوصى ، فالصحيح أنه يكون موصى به معها ; لأن للحمل حكما ، ولهذا تصح الوصية به وله ، وإذا صحت الوصية به منفردا ، صحت الوصية به مع أمه ، فيصير كما لو كان منفصلا فأوصى بهما جميعا . وفيه وجه آخر ، لا حكم للحمل ، فلا يدخل في الوصية ، وإنما يثبت له الحكم عند انفصاله ، كأنه حدث حينئذ . فعلى هذا إن انفصل في حياة الموصي ، فهو له ، كسائر كسبها ، وإن انفصل بعد موته وقبل القبول ، فهو للورثة ، على ظاهر المذهب ، وإن انفصل بعده ، فهو للموصى له . الحال الثاني ، أن تحمل به بعد الوصية في حياة الموصي ، ويعلم ذلك بأن تضعه بعد ستة أشهر من حين أوصى ; لأنها ولدته لمدة الحمل بعد الوصية ، فيحتمل أنها حملته بعدها فلم يتناوله . والأصل عدم الحمل حال الوصية ، فلا نثبته بالشك ، فيكون مملوكا للموصي إن ولدته في حياته . وإن ولدته بعده ، وقلنا : للحمل حكم . فكذلك . وإن قلنا : لا حكم له . فهو للورثة إن ولدته قبل القبول ، ولا بينة إن وضعته بعده . وكل موضع كان الولد للموصى له ، فإنه يعتق عليه ; لأنه ابنه ، وعليه ولاء لأبيه ; لأنه عتق عليه بالقرابة ، وأمه أمة ينفسخ نكاحها بالملك ، ولا تصير أم ولد ; لأنها لم تعلق منه بحر في ملكه . الحال الثالث ، أن تحمل بعد موت الموصي وقبل القبول ، ويعلم ذلك بأن تضعه لأكثر من ستة أشهر من حين الموت ، فإن وضعته قبل القبول أيضا ، فهو للوارث ، في ظاهر المذهب ; لأن الملك إنما ثبت للموصى له بعد القبول . وعلى الوجه الآخر ، يكون للموصى له . وإن وضعته بعد القبول ، فكذلك ; لأن الظاهر أن للحمل حكما ، فيكون حادثا عن ملك الوارث . وعلى الوجه الآخر ، يكون للموصى له ، فعلى هذا يكون حرا لا [ ص: 67 ] ولاء عليه ; لأنها أم ولد ، لكونها علقت منه بحر في ملكه ، فيصير كما لو حملت به بعد القبول . ومذهب الشافعي في هذا الفصل قريب مما قلناه . وقال أبو حنيفة : إذا وضعته بعد موت الموصي ، دخل في الوصية بكل حال ; لأنها تستقر بالموت وتلزم ، فوجب أن تسري إلى الولد ، كالاستيلاد . ولنا ، أنها زيادة منفصلة حادثة بعد عقد الوصية ، فلا تدخل فيها ، كالكسب ، وإذا أوصى بعتق جارية فولدت . وتفارق الاستيلاد ; لأن له تغليبا وسراية . وهذا التفريع فيما إذا خرجت الجارية من الثلث ، وإن لم تخرج من الثلث ، ملك منها بقدر الثلث ، وانفسخ النكاح ; لأن ملك بعضها يفسخ النكاح ، كملك جميعها . وكل موضع يكون الولد فيه لأبيه ، فإنه يكون له منه ها هنا بقدر ما ملك من أمه ، ويسري العتق إلى باقيه إن كان موسرا ، وإن كان معسرا فقد عتق منه ما ملك وحده . وكل موضع قلنا : تكون أم ولد . فإنها تصير أم ولد ها هنا . سواء كان موسرا أو معسرا ، على قول الخرقي ، كما إذا استولد الأمة المشتركة . قال القاضي : تصير منها أم ولد بقدر ما ملك منها . وهذا مذهب الشافعي .

التالي السابق


الخدمات العلمية