صفحة جزء
( 4627 ) مسألة ; قال : ( وإذا أوصى له بمثل نصيب أحد ورثته ، ولم يسمه ، كان له مثل ما لأقلهم نصيبا كأنه أوصى له بمثل نصيب أحد ورثته . وهم ابن وأربع زوجات ، فتكون صحيحة من اثنين وثلاثين سهما ، للزوجات الثمن ، وهو أربعة ، وما بقي فللابن ، فزد في سهام الفريضة مثل حظ امرأة من نسائه ، فتصير الفريضة من ثلاثة وثلاثين سهما ، للموصى له سهم ، ولكل امرأة سهم ، وما بقي فللابن ) وجملة ذلك أنه إذا أوصى بمثل نصيب أحد ورثته ، غير مسمى ، فإن كان الورثة يتساوون في الميراث كالبنين ، فله مثل نصيب أحدهم ، مزادا على الفريضة ، ويجعل كواحد منهم زاد فيهم . وإن كانوا يتفاضلون ، كمسألة الخرقي ، فله مثل نصيب أقلهم ميراثا ، يزاد على فريضتهم . وإن أوصى بنصيب وارث معين ، فله مثل نصيبه مزادا على الفريضة . هذا قول الجمهور . وبه قال أبو حنيفة ، والشافعي . وقال مالك ، وابن أبي ليلى ، [ ص: 75 ] وزفر ، وداود : يعطى مثل نصيب المعين ، ومثل نصيب أحدهم ، إذا كانوا يتساوون من أصل المال ، غير مزيد ، ويقسم الباقي بين الورثة ; لأن نصيب الوارث قبل الوصية من أصل المال فلو أوصى بمثل نصيب ابنه وله ابن واحد ، فالوصية بجميع المال . وإن كان له ابنان ، فالوصية بالنصف . وإن كانوا ثلاثة ، فالوصية بالثلث وقال مالك : إن كانوا يتفاضلون ، نظر إلى عدد رءوسهم ، فأعطي سهما من عددهم ; لأنه لا يمكن اعتبار أنصبائهم لتفاضل فاعتبر عدد رءوسهم . ولنا ، أنه جعل وارثه أصلا وقاعدة حمل عليه نصيب الموصى له وجعله مثلا له . وهذا يقتضي أن لا يزاد أحدهما على صاحبه . ومتى أعطى من أصل المال ، فما أعطى مثل نصيبه ولا حصلت التسوية ، والعبارة تقتضي التسوية . وإنما جعل له مثل أقلهم نصيبا ; لأنه اليقين ، وما زاد فمشكوك فيه ، فلا يثبت مع الشك ، وقوله : " يعطى سهما من عددهم " . خلاف ما يقتضيه لفظ الموصي ; فإن هذا ليس بنصيب لأحد ورثته ولفظه إنما اقتضى نصيب أحدهم وتفاضلهم لا يمنع كون نصيب الأقل نصيب أحدهم فيصرفه إلى الوصي ، لقول الموصي ، وعملا بمقتضى وصيته . وذلك أولى من اختراع شيء لا يقتضيه قول الموصي أصلا . وقوله : تعذر العمل بقول الموصي . غير صحيح ; فإنه أمكن العمل به بما قلناه ، ثم لو تعذر العمل به ، لما جاز أن يوجب في ماله حقا لم يأذن فيه ولم يأمر به . وقد مثل الخرقي في هذه المسألة بما أغنى عن تمثيلها . ولو قال : أوصيت بمثل نصيب أقلهم ميراثا . كان كما لو أطلق ، وكان ذلك تأكيدا وإن قال : أوصيت بمثل نصيب أكثرهم ميراثا . فله ذلك مضافا إلى المسألة ، فيكون له في مسألة الخرقي ثمانية وعشرون ، تضم إلى الفريضة فيكون الجميع ستين سهما .

( 4628 ) فصل وإن أوصى بنصيب وارث ، ففيها وجهان ; أحدهما تصح الوصية ، ويكون ذلك كالوصية بمثل نصيبه . وهذا قول مالك ، وأهل المدينة ، واللؤلؤي ، وأهل البصرة ، وابن أبي ليلى ، وزفر ، وداود . والوجه الثاني ، لا تصح الوصية . وهو الذي ذكره القاضي . وهو قول أصحاب الشافعي ، وأبي حنيفة ، وصاحبيه ; لأنه أوصى بما هو حق للابن ، فلم يصح كما لو قال : بدار ابني ، أو بما يأخذه ابني . ووجه الأول ، أنه أمكن تصحيح وصيته يحتمل لفظه على مجازه ، فصح ، كما لو طلق بلفظ الكناية ، أو أعتق . وبيان إمكان التصحيح ، أنه أمكن تقدير حذف المضاف ، وإقامة المضاف إليه مقامه ، أي بمثل نصيب وارثي . ولأنه لو أوصى بجميع ماله ، صح ، وإن تضمن ذلك الوصية بنصيب وراثه كلهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية