صفحة جزء
( 4651 ) فصل إذا جاوزت الوصايا المال ، فاقسم المال بينهم على قدر وصاياهم ، مثل العول ، واجعل وصاياهم كالفروض التي فرضها الله تعالى للورثة ، إذا زادت على المال . وإن ردوا ، قسمت الثلث بينهم على تلك السهام . وهذا قول النخعي ، ومالك ، والشافعي . قال سعيد بن منصور : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا أبو عاصم الثقفي قال : قال لي إبراهيم النخعي : ما تقول في رجل أوصى بنصف ماله ، وثلث ماله ، وربع ماله ؟ قلت : لا يجوز . قال : فإنهم قد أجازوا . قلت : لا أدري ؟ قال : أمسك اثني عشر فأخرج نصفها ستة ، وثلثها أربعة ، وربعها ثلاثة ، فاقسم المال على ثلاثة عشر ، فلصاحب النصف ستة ، ولصاحب الثلث أربعة ، ولصاحب الربع ثلاثة . وكان أبو حنيفة يقول : يأخذ أكثرهم وصية مما يفضل به على من دونه ، ثم يقتسمون الباقي إن أجازوا ، وفي الرد لا يضرب لأحدهم بأكثر من الثلث ، وإن نقص بعضهم عن الثلث ، أخذ أكثرهم ما يفضل به على من دونه . ومثال ذلك ، رجل أوصى بثلثي ماله ونصفه وثلثه ، فالمال بينهم على تسعة في الإجازة ، والثلث بينهم كذلك في الرد ، كمسألة فيها زوج وأختان لأب وأختان لأم . وقال أبو حنيفة : صاحب الثلثين يفضلهما بسدس ، فيأخذه ، وهو وصاحب النصف يفضلان صاحب الثلث بسدس ، فيأخذانه بينهما نصفين ، ويقتسمون الباقي بينهم أثلاثا . وتصح من ستة وثلاثين ، لصاحب الثلثين سبعة عشر ، ولصاحب النصف أحد عشر ، ولصاحب الثلث ثمانية . وإن ردوا قسم بينهم على ثلاثة . ولو أوصى لرجل بجميع ماله ، ولآخر بثلثه ، فالمال بينهما على أربعة إن أجازوا ، والثلث بينهما كذلك في حال الرد . وعند أبي حنيفة : إن أجازوا فلصاحب المال الثلثان ، يتفرد بهما ، ويقاسم صاحب الثلث ، فيحصل له خمسة أسداس ، ولصاحب الثلث السدس ، وإن ردوا ، اقتسما الثلث نصفين ، فلا يحصل لصاحب الثلث إلا السدس [ ص: 86 ] في الإجازة والرد جميعا . ولو جعل مكان الثلث سدسا ، لكان لصاحب المال خمسة أسداسه في الإجازة ، ويقاسم صاحب السدس ، فيأخذ نصفه ، ويبقى لصاحب السدس نصفه سهم من اثني عشر . وفي الرد ، يقتسمان الثلث بينهما أثلاثا ، فيجعل لصاحب السدس التسع سهم من تسعة ، وذلك أكثر مما حصل له في الإجازة ، وهذا دليل على فساد هذا القول ، لزيادة سهم الموصى له في الرد على حالة الإجازة ، ومتى كان للموصى له حق في حال الرد ، لا ينبغي أن يتمكن الوارث من تغييره ، ولا تنقيصه ، ولا أخذه منه ، ولا صرفه إلى غيره ، مع أن ما ذهب إليه الجمهور نظيره مسائل العول في الفرائض ، والديون على المفلس ، وما ذكروه لا نظير له ، مع أن فرض الله تعالى للوارث آكد من فرض الموصي ووصيته ، ثم إن صاحب الفضل في الفرض المفروض ، لا ينفرد بفضله ، فكذا في الوصايا .

التالي السابق


الخدمات العلمية