صفحة جزء
( 4659 ) فصل : وإن وصى للأرامل ، فهو للنساء اللاتي فارقهن أزواجهن بموت أو غيره . قال [ ص: 89 ] أحمد ، في رواية حرب ، وقد سئل عن رجل أوصى لأرامل بني فلان . فقال : قد اختلف الناس فيها ، فقال قوم : هو للرجال والنساء . والذي يعرف في كلام الناس أن الأرامل النساء . وقال الشعبي ، وإسحاق : هو للرجال والنساء ، وأنشد أحدهما :

هذي الأرامل قد قضيت حاجتها فمن لحاجة هذا الأرمل الذكر

وقال الآخر :

أحب أن أصطاد ضبيا سحبلا     رعى الربيع والشتاء أرملا

ولنا ، أن المعروف في كلام الناس أنه النساء ، فلا يحمل لفظ الموصي إلا عليه ، ولأن الأرامل جمع أرملة ، فلا يكون جمعا للمذكر ; لأن ما يختلف لفظ الذكر والأنثى في واحده يختلف في جمعه ، وقد أنكر ابن الأنباري على قائل القول الآخر ، وخطأه فيه ، والشعر الذي احتج به حجة عليه ، فإنه لو كان لفظ الأرامل يشمل الذكر والأنثى ، لقال : " حاجتهم " إذ لا خلاف بين أهل اللسان في أن اللفظ متى كان للذكر والأنثى ، ثم رد عليه ضمير ، غلب فيه لفظ التذكير وضميره ، فلما رد الضمير على الإناث علم أنه موضوع لهن على الانفراد ، وسمى نفسه أرملا تجوزا تشبيها بهن ، ولذلك وصف نفسه بأنه ذكر ، ويدل على إرادة المجاز أن اللفظ عند إطلاقه لا يفهم منه إلا النساء ، ولا يسمى به في العرف غيرهن ، وهذا دليل على أنه لم يوضع لغيرهن ، ثم لو ثبت أنه في الحقيقة للرجال والنساء لكان قد خص به أهل العرف النساء ، وهجرت به الحقيقة حتى صارت مغمورة ، لا تفهم من لفظ المتكلم ولا يتعلق بها حكم كسائر الألفاظ العرفية .

التالي السابق


الخدمات العلمية