صفحة جزء
( 4748 ) مسألة ; قال : ( ومن أوصى لقرابته ، فهو للذكر والأنثى بالسوية ، ولا يجاوز بها أربعة آباء ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجاوز بني هاشم بسهم ذي القربى ) وجملته أن الرجل إذا أوصى لقرابته ، أو لقرابة فلان ، كانت الوصية لأولاده ، ولأولاد أبيه ، وأولاد جده ، وأولاد جد أبيه ، ويستوي فيه الذكر والأنثى ، ولا يعطي من هو أبعد منهم شيئا ، فلو وصى لقرابة النبي صلى الله عليه وسلم ، أعطى أولاده وأولاد عبد المطلب وأولاد هاشم ، ولم يعط بني عبد شمس ولا بني نوفل شيئا ; لأن الله تعالى لما قال : { ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى } . يعني أقرباء النبي صلى الله عليه وسلم أعطى النبي صلى الله عليه وسلم هؤلاء الذين ذكرناهم ، ولم يعط من هو أبعد منهم ، كبني عبد شمس ونوفل شيئا ، إلا أنه أعطى بني المطلب ، وعلل عطيتهم بأنهم " لم يفارقوا بني هاشم ، في جاهلية ولا إسلام " . ولم يعط قرابة أمه ، وهم بنو زهرة شيئا ، ولم يعط منهم إلا مسلما ، فحمل مطلق كلام الموصي على ما حمل عليه المطلق من كلام الله تعالى وفسر بما فسر به . ويسوي بين قريبهم وبعيدهم ، وذكرهم وأنثاهم ; لأن الوصية لهم سواء ، ويدخل في الوصية الكبير والصغير ، والغني والفقير ، ولا يدخل الكفار ; لأنهم لم يدخلوا في المستحق من قربى النبي صلى الله عليه وسلم . وقد نقل عبد الله ، وصالح ، عن أبيهما رواية أخرى ، أنه يصرف إلى قرابة أمه ، إن كان يصلهم في حياته ، كأخواله ، وخالاته ، وإخوته من أمه ، وإن كان لا يصلهم ، لم يعطوا شيئا ; لأن عطيته لهم في حياته قرينة دالة على صلته لهم بعد مماته ، وإلا فلا . وعنه رواية أخرى ، أنه يجاوز بها أربعة آباء . ذكرها ابن أبي موسى ، في " الإرشاد " . وهذه الرواية تدل على أن لفظه لا يتقيد بالقيد الذي ذكرناه ، فعلى هذا يعطى كل من يعرف بقرابته من قبل أبيه وأمه ، الذين ينسبون إلى الأب الأدنى الذي ينسب إليه . وهذا مذهب الشافعي ; لأنهم قرابة ، فيتناولهم الاسم ، ويدخلون في عمومه . وإعطاء النبي صلى الله عليه وسلم لبعض قرابته ، تخصيص لا يمنع من العمل بالعموم في غير ذلك الموضع . قال أبو حنيفة : قرابته كل ذي رحم محرم ، فيعطى من أدناهم اثنان فصاعدا ، فإذا كان له عمان وخالان ، فالوصية لعميه ، وإن كان له عم وخالان ، فلعمه النصف ولخاليه النصف . وقال قتادة : للأعمام الثلثان ، وللأخوال الثلث . وبه قال الحسن ، قال : ويزاد الأقرب بعض الزيادة .

وقال مالك : يقسم على الأقرب فالأقرب بالاجتهاد . ولنا ، أن هذا الاسم له عرف في الشرع ، وهو ما ذكرناه ، فيجب حمله عليه ، وتقديمه على العرف اللغوي ، كالوضوء والصلاة والصوم والحج ، ولا وجه لتخصيصه بذي الرحم المحرم ، فإن اسم القرابة يقع على غيرهم عرفا وشرعا ، وقد تحرم على الرجل ربيبته ، وأمهات نسائه ، وحلائل آبائه وأبنائه ، ولا قرابة لهم ، وتحل له ابنة عمه ، وعمته ، وابنة خاله وخالته ، وهن من أقاربه ، وما ذكروه من [ ص: 132 ] التفصيل لا يقتضيه اللفظ ، ولا يدل عليه دليل ، فالمصير إليه تحكم ، فأما إن كان في لفظه ما يدل على إرادة قرابة أمه ، كقوله : وتفضل قرابتي من جهة أبي على قرابتي من جهة أمي . أو قوله : إلا ابن خالتي فلانا . أو نحو ذلك ، أو قرينة تخرج بعضهم ، عمل بما دلت عليه القرينة ; لأنها تصرف اللفظ عن ظاهره إلى غيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية