صفحة جزء
( 4772 ) فصل : ويجوز أن يوصي إلى رجلين معا في شيء واحد ، ويجعل لكل واحد منهما التصرف منفردا ، فيقول : أوصيت إلى كل واحد منكما أن ينفرد بالتصرف . لأنه جعل كل واحد منهما وصيا منفردا ، وهذا يقتضي تصرفه على الانفراد . وله أن يوصي إليهما ليتصرفا مجتمعين ، وليس لواحد منهما الانفراد [ ص: 143 ] بالتصرف ; ولأنه لم يجعل ذلك إليه ، ولم يرض بنظره وحده . وهاتان الصورتان لا أعلم فيهما خلافا . وإن أطلق ، فقال : أوصيت إليكما في كذا . فليس لأحدهما الانفراد بالتصرف . وبه قال مالك ، والشافعي . وقال : أبو يوسف : له ذلك ; لأن الوصية والولاية لا تتبعض ، فملك كل واحد منهما الانفراد بها كالأخوين في تزويج أختهما . وقال أبو حنيفة ، ومحمد يستحسن على خلاف القياس ، فيبيح أن ينفرد كل واحد منهما بسبعة أشياء : كفن الميت ، وقضاء دينه ، وإنفاذ وصيته ، ورد الوديعة بعينها ، وشراء ما لا بد للصغير منه من الكسوة والطعام ، وقبول الهبة له ، والخصومة عن الميت فيما يدعى له أو عليه ; لأن هذه يشق الاجتماع عليها ويضر تأخيرها ، فجاز الانفراد بها . ولنا ، أنه شرك بينهما في النظر ، فلم يكن لأحدهما الانفراد ، كالوكيلين . وما قاله أبو يوسف نقول به ، فإنه جعل الولاية إليهما باجتماعهما ، فليست متبعضة ، كما لو وكل وكيلين ، أو صرح للوصيين بأن لا يتصرفا إلا مجتمعين . ثم يبطل ما قاله بهاتين الصورتين ، ويبطل ما قاله أبو حنيفة بهما أيضا ، وإذا تعذر اجتماعهما ، أقام الحاكم أمينا مقام الغائب .

التالي السابق


الخدمات العلمية