صفحة جزء
( 4819 ) مسألة ; قال : ( فإن كن بنات وبنات ابن ، فللبنات الثلثان ، وليس لبنات الابن شيء ، إلا أن يكون معهن ذكر فيعصبهن فيما بقي ، للذكر مثل حظ الأنثيين ) أجمع أهل العلم على أن فرض الابنتين الثلثان ، إلا رواية شاذة عن ابن عباس ، أن فرضهما النصف ; لقول الله تعالى : { فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك } . فمفهومه أن ما دون الثلاث ليس لهما الثلثان . والصحيح قول الجماعة ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأخي سعد بن الربيع : " أعط ابنتي سعد الثلثين " وقال الله تعالى في الأخوات : { فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك } . وهذا تنبيه على أن للبنتين الثلثين ; لأنهما أقرب ، ولأن كل من يرث الواحد منهم النصف فللاثنتين منهم الثلثان ، كالأخوات من الأبوين ، والأخوات من الأب ، وكل عدد يختلف فرض واحدهم وجماعتهم فللاثنين منهم مثل فرض الجماعة ، كولد الأم ، والأخوات من الأبوين ، أو من الأب ، فأما الثلاث من البنات فما زاد ، فلا خلاف في أن فرضهن الثلثان ، وأنه ثابت بقول الله تعالى : { فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك } . واختلف فيما ثبت به فرض الابنتين ، فقيل : ثبت بهذه الآية ، والتقدير ، فإن كن نساء اثنتين ، وفوق صلة ، كقوله : { فاضربوا فوق الأعناق } . أي اضربوا الأعناق . وقد دل على هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم حين نزلت هذه الآية ، أرسل إلى أخي سعد بن الربيع : " أعط ابنتي سعد الثلثين " . وهذا من النبي صلى الله عليه وسلم تفسير للآية ، وبيان لمعناها ، واللفظ إذا فسر كان الحكم ثابتا بالمفسر لا بالتفسير . ويدل على ذلك أيضا أن سبب نزول الآية قصة بنتي سعد بن الربيع ، وسؤال أمهما عن شأنهما في ميراث أبيهما . وقيل : بل ثبت بهذه السنة الثابتة . وقيل : بل ثبت بالتنبيه الذي ذكرناه . وقيل : بل ثبت بالإجماع . وقيل : بالقياس . وفي الجملة فهذا حكم قد أجمع عليه ، وتواردت عليه الأدلة التي ذكرناها كلها ، فلا يضرنا أيها أثبته . وأجمع أهل العلم على أن بنات الصلب متى استكملن الثلثين ، سقط بنات الابن ، ما لم يكن بإزائهن ، أو أسفل منهن ذكر يعصبهن ; وذلك لأن الله تعالى لم يفرض للأولاد إذا كانوا نساء إلا الثلثين ، قليلات كن أو كثيرات ، وهؤلاء لم يخرجن عن كونهن نساء من الأولاد ، وقد ذهب الثلثان لولد الصلب ، فلم يبق لهن شيء ، ولا يمكن أن يشاركن بنات الصلب ; لأنهن دون درجتهن ، فإن كان مع بنات الابن ابن في درجتهن ، كأخيهن ، أو ابن عمهن ، أو أنزل منهن كابن أخيهن ، أو ابن ابن عمهن ، أو ابن ابن ابن عمهن ، عصبهن في الباقي ، فجعل بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين . وهذا قول عامة العلماء . يروى ذلك عن علي ، وزيد ، وعائشة رضي الله عنهم . [ ص: 166 ] وبه قال مالك ، والثوري ، والشافعي رضي الله عنهم وإسحاق ، وأصحاب الرأي . وبه قال سائر الفقهاء إلا ابن مسعود ومن تبعه ; فإنه خالف الصحابة في ست مسائل من الفرائض ، هذه إحداهن ، فجعل الباقي للذكر دون أخواته . وهو قول أبي ثور ; لأن النساء من الأولاد لا يرثن أكثر من الثلثين ; بدليل ما لو انفردن ، وتوريثهن هاهنا يفضي إلى توريثهن أكثر من ذلك . ولنا ، قول الله تعالى : { يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين } . وهؤلاء يدخلون في عموم هذا اللفظ ; بدليل تناوله لهم لو لم يكن بنات . وعدم البنات لا يوجب لهم هذا الاسم . ولأن كل ذكر وأنثى يقتسمون المال إذا لم يكن معهم ذو فرض ، يجب أن يقتسما الفاضل عنه ، كأولاد الصلب ، والإخوة مع الأخوات وما ذكروه فهو في الاستحقاق للفرض . فأما في مسألتنا فإنما يستحقون بالتعصيب ، فكان معتبرا بأولاد الصلب ، والإخوة والأخوات ثم ، ويبطل ما ذكروه بما إذا خلف ابنا وست بنات ، فإنهن يأخذن ثلاثة أرباع المال . وإن كن ثمانيا ، أخذن أربعة أخماسه . وإن كن عشرا ، أخذن خمسة أسداسه . وكلما زدن في العدد ، زاد استحقاقهن .

التالي السابق


الخدمات العلمية