صفحة جزء
( 4944 ) فصل : والقتل المانع من الإرث هو القتل بغير حق ، وهو المضمون بقود ، أو دية ، أو كفارة كالعمد ، وشبه العمد ، والخطأ ، وما جرى مجرى الخطأ ; كالقتل بالسبب ، وقتل الصبي ، والمجنون ، والنائم ، وما ليس بمضمون بشيء مما ذكرنا لم يمنع الميراث ; كالقتل قصاصا أو حدا ، أو دفعا عن نفسه ، وقتل العادل الباغي ، أو من قصد مصلحة موليه بما له فعله ; من [ ص: 245 ] سقي دواء ، أو ربط جراح ، فمات

ومن أمره إنسان عاقل كبير ببط خراجه ، أو قطع سلعة منه ، فتلف بذلك ، ورثه في ظاهر المذهب . قال أحمد : إذا قتل العادل الباغي في الحرب يرثه . ونقل محمد بن الحكم عن أحمد ، في أربعة شهدوا على أختهم بالزنا ، فرجمت ، فرجموا مع الناس : يرثونها هم غير قتلة . وعن أحمد ، رواية أخرى ، تدل على أن القتل يمنع الميراث بكل حال ، فإنه قال ، في رواية ابنيه صالح ، وعبد الله : لا يرث العادل الباغي ، ولا يرث الباغي العادل

وهذا يدل على أن القتل يمنع الميراث بكل حال . وهذا ظاهر مذهب الشافعي ، أخذا بظاهر لفظ الحديث ، ولأنه قاتل ، فأشبه الصبي ، والمجنون والنائم ، والساقط على إنسان من غير اختيار منه ، وسائق الدابة ، وقائدها ، وراكبها ، إذا قتلت بيدها ، أو فيها ، فإنه يرثه ; لأنه قتل غير متهم فيه ، ولا مأثم فيه ، فأشبه القتل في الحد . ولنا ، على أبي حنيفة وأصحابه عموم الأخبار ، خصصنا منها القتل الذي لا يضمن ، ففيما عداه يبقى على مقتضاها ، ولأنه قتل مضمون فيمنع الميراث كالخطأ

ولنا ، على الشافعي ، أنه فعل مأذون فيه ، فلم يمنع الميراث ، كما لو أطعمه أو سقاه باختياره ، فأفضى إلى تلفه ، ولأنه حرم الميراث في محل الوفاق ، كي لا يفضي إلى إيجاد القتل المحرم ، وزجرا عن إعدام النفس المعصومة ، وفي مسألتنا حرمان الميراث يمنع إقامة الحدود الواجبة ، واستيفاء الحقوق المشروعة ، ولا يفضي إلى إيجاد قتل محرم ، فهو ضد ما ثبت في الأصل ولا يصح القياس على قتل الصبي ، والمجنون ; لأنه قتل محرم ، وتفويت نفس معصومة ، والتوريث يفضي إليه ، بخلاف مسألتنا

إذا ثبت هذا ، فالمشارك في القتل في الميراث كالمنفرد به ; لأنه يلزمه من الضمان بحسبه ، فلو شهد على موروثه مع جماعة ظلما فقتل ، لم يرثه ، وإن شهد بحق ، ورثه ; لأنه غير مضمون .

التالي السابق


الخدمات العلمية