صفحة جزء
( 4952 ) مسألة ; قال : ( وكذلك من أسلم على ميراث قبل أن يقسم ، قسم له ) اختلفت الرواية في من أسلم قبل قسم ميراث موروثه المسلم ; فنقل الأثرم ، ومحمد بن الحكم ، أنه يرث . وروي نحو هذا عن عمر ، وعثمان ، والحسن بن علي ، وابن مسعود . وبه قال جابر بن زيد ، والحسن ، ومكحول ، وقتادة ، وحميد ، وإياس بن معاوية ، وإسحاق ، فعلى هذا إن أسلم قبل قسم بعض المال ورث مما بقي . وبه قال الحسن . ونقل أبو طالب ، في من أسلم بعد الموت : لا يرث ، قد وجبت المواريث لأهلها . وهذا المشهور عن علي رضي الله عنه . وبه قال سعيد بن المسيب ، وعطاء ، وطاوس ، والزهري ، وسليمان بن يسار ، والنخعي ، والحكم ، وأبو الزناد ، وأبو حنيفة ، ومالك ، والشافعي رضي الله عنهم . وعامة الفقهاء ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم { : لا يرث الكافر المسلم } . ولأن الملك قد انتقل بالموت إلى المسلمين ، فلم يشاركهم من أسلم ، كما لو اقتسموا ، ولأن المانع من الإرث متحقق حال وجود الموت ، فلم يرث ، كما لو كان رقيقا فأعتق ، أو كما لو بقي على كفره . ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم { : من أسلم على شيء فهو له } . رواه سعيد من طريقين عن عروة ، وابن أبي مليكة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى أبو داود ، بإسناده : عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { كل قسم قسم في الجاهلية فهو على ما قسم ، وكل قسم أدركه الإسلام فهو على قسم الإسلام . } وروى ابن عبد البر ، بإسناده في " التمهيد " ، عن زيد بن قتادة العنبري ، أن إنسانا من أهله مات على غير دين الإسلام ، فورثته أختي دوني ، وكانت على دينه ، ثم إن جدي أسلم ، وشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم حنينا ، فتوفي ، فلبثت ، سنة ، وكان ترك ميراثا ، ثم إن أختي أسلمت ، فخاصمتني في الميراث إلى عثمان رضي الله عنه فحدثه عبد الله بن أرقم ، أن عمر قضى أنه من أسلم على ميراث قبل أن يقسم ، فله نصيبه ، فقضى به عثمان ، فذهبت بذاك الأول ، وشاركتني في هذا . وهذه قضية انتشرت فلم تنكر فكانت إجماعا ، ولأنه لو تجدد له صيد بعد موته وقع في شبكته التي نصبها في حياته ، لثبت له الملك فيه ، ولو وقع إنسان في بئر حفرها ، لتعلق ضمانه بتركته بعد موته ، فجاز أن يتجدد حق من أسلم من ورثته بتركته ، ترغيبا في الإسلام ، وحثا عليه ، فأما إذا قسمت التركة ، وتعين حق كل وارث ، ثم أسلم ، فلا شيء له ، وإن كان الوارث واحدا ، فإذا تصرف في التركة واحتازها ، كان بمنزلة قسمتها .

التالي السابق


الخدمات العلمية