صفحة جزء
( 4972 ) فصل : ودية المقتول موروثة عنه ، كسائر أمواله ، إلا أنه اختلف فيها عن علي ، فروي عنه مثل قول الجماعة ، وعنه لا يرثها إلا عصباته الذين يعقلون عنه . وكان عمر يذهب إلى هذا ، ثم رجع عنه ، لما بلغه عن النبي صلى الله عليه وسلم توريث المرأة من دية زوجها . قال سعيد ، حدثنا سفيان ، حدثنا الزهري ، سمع سعيد بن المسيب ، يقول : كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : الدية للعاقلة ، ولا ترث المرأة من دية زوجها شيئا { . فقال له الضحاك الكلابي : كتب إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها أشيم } . قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح .

وروى الإمام أحمد بإسناده ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، أن النبي صلى الله عليه وسلم { قضى إن العقل ميراث بين ورثة القتيل على فرائضهم } . وبإسناده عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { المرأة ترث من مال زوجها وعقله ، ويرث هو من مالها وعقلها ، ما لم يقتل واحد منهما صاحبه } إلا أن في إسناده رجلا مجهولا .

وقال إبراهيم : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { : الدية على الميراث ، والعقل على العصبة } . وقال أبو ثور : هي على الميراث ، ولا تقضى منها ديونه ، ولا تنفذ منها وصاياه . وعن أحمد نحو من هذا . وقد ذكر الخرقي في من أوصى بثلث ماله لرجل ، فقتل ، وأخذت ديته ، فللموصى له بالثلث ثلث الدية ، في إحدى الروايتين

والأخرى ، ليس لمن أوصى له بالثلث من الدية شيء ، ومبنى هذا على أن الدية ملك الميت ، أو على ملك الورثة ابتداء ؟ وفيه روايتان ; إحداهما ، أنها تحدث على ملك الميت ; لأنها بدل نفسه ، فيكون بدلها له ، كدية أطرافه المقطوعة منه في الحياة ولأنه لو أسقطها عن القاتل بعد جرحه إياه ، كان صحيحا ، وليس له إسقاط حق الورثة ، ولأنها مال موروث ، فأشبهت سائر أمواله . والأخرى ، أنها تحدث على ملك الورثة ابتداء ; لأنها إنما تستحق [ ص: 263 ] بعد الموت .

وبالموت تزول أملاك الميت الثابتة له ، ويخرج عن أن يكون أهلا للملك ، وإنما يثبت الملك لورثته ابتداء . ولا أعلم خلافا في أن الميت يجهز منها ، إن كان قبل تجهيزه ; لأنه لو لم يكن له شيء ، لوجب تجهيزه على من عليه نفقته لو كان فقيرا ، فأولى أن يجب ذلك في ديته .

التالي السابق


الخدمات العلمية