صفحة جزء
( 525 ) مسألة : قال : وإذا غابت الشمس وجبت المغرب ، ولا يستحب تأخيرها إلى أن يغيب الشفق أما دخول وقت المغرب بغروب الشمس فإجماع أهل العلم . لا نعلم بينهم خلافا فيه ، والأحاديث دالة عليه . وآخره : مغيب الشفق .

وبهذا قال الثوري ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي ، وبعض أصحاب الشافعي وقال مالك ، والأوزاعي ، والشافعي ليس لها إلا وقت واحد ، عند مغيب الشمس ; لأن جبريل عليه السلام صلاها بالنبي صلى الله عليه وسلم في اليومين لوقت واحد ، في بيان مواقيت الصلاة ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم { لا تزال أمتي بخير ما لم يؤخروا المغرب إلى أن يشتبك النجم } ; ولأن المسلمين مجمعون على فعلها في وقت واحد في أول الوقت .

وعن طاوس : لا تفوت المغرب والعشاء حتى الفجر . ونحوه عن عطاء ; لما ذكرناه في الظهر والعصر . ولنا حديث بريدة { ، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى المغرب في اليوم الثاني حين غاب الشفق } وفي لفظ رواه الترمذي : { فأخر المغرب إلى أن يغيب الشفق . }

وروى أبو موسى { أن النبي صلى الله عليه وسلم أخر المغرب في اليوم الثاني حتى كان عند سقوط الشفق . } رواه مسلم وأبو داود وفي حديث عبد الله بن عمرو ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { وقت المغرب ما لم يغب الشفق } رواه مسلم وفي حديث أبي هريرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إن للصلاة أولا وآخرا ، وإن أول وقت المغرب حين تغرب الشمس ، وإن آخر وقتها حين يغيب الأفق } . رواه الترمذي وهذه نصوص صحيحة ، لا يجوز مخالفتها بشيء محتمل

; ولأنها إحدى الصلوات ، فكان لها وقت متسع كسائر الصلوات ; ولأنها إحدى صلاتي جمع ، فكان وقتها متصلا بوقت التي تجمع إليها كالظهر والعصر ; ولأن ما قبل مغيب الشفق وقت لاستدامتها ، فكان وقتا لابتدائها كأول وقتها . وأحاديثهم محمولة على الاستحباب والاختيار ، وكراهة التأخير ، ولذلك قال الخرقي " ولا يستحب تأخيرها " .

فإن الأحاديث فيها تأكيد لفعلها في أول وقتها ، وأقل أحوالها تأكيد الاستحباب . وإن قدر أن الأحاديث متعارضة وجب حمل أحاديثهم على أنها منسوخة ; لأنها في أول فرض الصلاة بمكة ، وأحاديثنا بالمدينة متأخرة ، فتكن ناسخة لما قبلها مما يخالفها ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية