صفحة جزء
( 5028 ) مسألة ; قال : ( والولاء لأقرب عصبة المعتق ) وجملة ذلك أن المولى العتيق إذا لم يخلف من نسبه من يرث ماله ، كان ماله لمولاه على ما أسلفناه . فإن كان مولاه ميتا ، فهو لأقرب عصبته ، سواء كان ولدا أو أبا ، أو أخا أو عما ، أو ابن عم أو عم أب ، وسواء كان المعتق ذكرا أو أنثى . فإن لم يكن له عصبة من نسبه ، كان الميراث لمولاه ثم لعصباته الأقرب فالأقرب ، ثم لمولاه ، وكذلك أبدا روي هذا عن عمر رضي الله عنه . وبه قال [ ص: 294 ] الشعبي ، والزهري ، وقتادة ، ومالك ، والثوري والأوزاعي ، والشافعي ، وأبو حنيفة وصاحباه . وقد روي عن علي رضي الله عنه ما يدل على أن مذهبه في امرأة ماتت وخلفت ابنها وأخاها ، أو ابن أخيها ، أن ميراث مواليها لأخيها وابن أخيها ، دون ابنها . وروي عنه الرجوع إلى مثل قول الجماعة ، فروي عن إبراهيم أنه قال : اختصم علي والزبير في موالي صفية بنت عبد المطلب ، فقال علي : أنا أحق بهم ، أنا أرثهم وأعقل عنهم . وقال الزبير : هم موالي أمي ، وأنا أرثهم . فقضى عمر للزبير بالميراث ، والعقل على علي . رواه سعيد ، قال : حدثنا أبو معاوية حدثنا عبيدة الضبي ، عن إبراهيم ، وقال : ثنا هشيم . ثنا الشيباني عن الشعبي قال : قضى بولاء موالي صفية للزبير دون العباس وقضى عمر في موالي أم هانئ بنت أبي طالب لأبيها جعدة بن هبيرة دون علي . وروى الإمام أحمد بإسناده عن زياد بن أبي مريم ، { ، أن امرأة أعتقت عبدا لها ، ثم توفيت ، وتركت ابنا لها وأخاها . ثم توفي مولاها من بعدها ، فأتى أخو المرأة وابنها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ميراثه ، فقال عليه السلام : ميراثه لابن المرأة . فقال أخوها : يا رسول الله ، لو جر جريرة كانت علي ، ويكون ميراثه لهذا قال : نعم . } وروى بإسناده عن سعيد بن المسيب ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { : المولى أخ في الدين ، ومولى النعمة يرثه أولى الناس بالمعتق . } إذا ثبت هذا فإن المعتقة إذا ماتت وخلفت ابنها وأخاها أو ابن أخيها ، ثم مات مولاها ، فميراثه لابنها ، وإن مات ابنها بعدها وقبل مولاها ، وتركت عصبة ، كأعمامه وبني أعمامه ، ثم مات العبد ، وترك أخا مولاته وعصبة ابنها ، فميراثه لأخي مولاته ; لأنه أقرب عصبة المعتق ، فإن المرأة لو كانت هي الميتة لورثها أخوها وعصبتها ، فإن انقرض عصبتها ، كان بيت المال أحق به من عصبة أبيها ، ويروى نحو هذا عن علي . وبه قال أبان بن عثمان ، وقبيصة بن ذؤيب ، وعطاء ، وطاوس ، والزهري ، ومالك ، والشافعي وأهل العراق . وروي عن علي رواية أخرى ، أنه لعصبة الابن . وروي نحو ذلك عن عمر وابن عباس ، وسعيد بن المسيب وبه قال شريح . وهذا يرجع إلى أن الولاء لا يورث كما يورث المال . وقد روي عن أحمد نحو هذا واحتجوا بأن عمرو بن شعيب روى عن أبيه عن جده ، أن رئاب بن حذيفة ، تزوج امرأة ، فولدت له ثلاثة غلمة ، فماتت أمهم ، فورثوا عنها ولاء مواليها ، وكان عمرو بن العاص عصبة بنيها ، فأخرجهم إلى الشام ، فماتوا ، فقدم عمرو بن العاص ، ومات مولاها ، وترك مالا ، فخاصمه إخوتها إلى عمر ، فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ما أحرز الوالد والولد فهو لعصبته من كان . } قال : وكتب له كتابا فيه شهادة عبد الرحمن بن عوف ، وزيد بن ثابت ، ورجل آخر قال فنحن فيه إلى الساعة . رواه أبو داود ، وابن ماجه . في " سننهما " .

والصحيح الأول ; فإن الولاء لا يورث على ما ذكرنا من قبل . وإنما يورث به ، وهو باق للمعتق ، يرث به أقرب عصباته ، ومن لم يكن من عصباته لم يرث شيئا ، وعصبات الابن غير عصبات أمه ، فلا يرث الأجانب منها بولائها دون عصباتها . وحديث عمرو بن شعيب غلط ، قال حميد : الناس يغلطون عمرو بن شعيب في هذا الحديث . فعلى هذا لا يرث المولى العتيق من أقارب معتقه إلا عصباته ، الأقرب منهم فالأقرب على ما ذكرنا في ترتيب العصبات . ولا يرث ذو فرض بفرضه ولا ذو رحم . فإن اجتمع لرجل منهم فرض وتعصيب ، كالأب والجد والزوج والأخ من الأم إذا كانا ابني عم ، ورث بما فيه من التعصيب ، ولم يرث بفرضه شيئا . وإن كان عصبات في درجة واحدة ، كالبنين وبنيهم ، والإخوة وبنيهم ، والأعمام وبنيهم ، اقتسموا الميراث بينهم بالسوية . وهذا كله لا خلاف فيه سوى ما ذكرنا من الأقوال الشاذة والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية