صفحة جزء
( 527 ) مسألة : قال : ( فإذا ذهب ثلث الليل ذهب وقت الاختيار ، ووقت الضرورة مبقى إلى أن يطلع الفجر الثاني ، وهو البياض الذي يرى من قبل المشرق ، فينتشر ، ولا ظلمة بعده ) اختلفت الرواية في آخر وقت الاختيار ، فروي عن أحمد أنه ثلث الليل ، نص عليه أحمد ، في رواية الجماعة ، وهو قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأبي هريرة ، وعمر بن عبد العزيز ، ومالك ; لأن في حديث جبريل ، أنه صلى بالنبي صلى الله عليه وسلم في المرة الثانية ثلث الليل ، وقال : { الوقت فيما بين هذين } وفي حديث بريدة ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها في اليوم الثاني ثلث الليل } وعن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { صلوا فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل } وفي حديثها الآخر : وكانوا يصلون فيما بين أن يغيب الشفق الأول إلى ثلث الليل .

ولأن ثلث الليل يجمع الروايات ، والزيادة تعارضت الأخبار فيها ، فكان ثلث الليل أولى ، والرواية الثانية أن آخره نصف الليل . وهو قول الثوري ، وابن المبارك وأبي ثور وأصحاب الرأي ، وأحد قولي الشافعي ، لما روي عن أنس بن مالك قال : { أخر رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء إلى نصف الليل . } رواه البخاري

وعن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { لولا ضعف الضعيف ، وسقم السقيم ، لأمرت بهذه الصلاة أن تؤخر إلى شطر الليل } رواه أبو داود ، [ ص: 232 ] والنسائي ، وفي حديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { وقت العشاء إلى نصف الليل } رواه أبو داود والأولى إن شاء الله تعالى أن لا يؤخرها عن ثلث الليل ، وإن أخرها إلى نصف الليل جاز ، وما بعد النصف وقت ضرورة ، الحكم فيه حكم وقت الضرورة في صلاة العصر ، على ما مضى شرحه وبيانه ، ثم لا يزال الوقت ممتدا حتى يطلع الفجر الثاني .

( 528 ) فصل : وتسمى هذه الصلاة العشاء ، ولا يستحب تسميتها العتمة ، وكان ابن عمر إذا سمع رجلا يقول : العتمة . صاح وغضب ، وقال : إنما هو العشاء

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم ، فإنها العشاء ، وإنهم يعتمون بالإبل } وعن أبي هريرة مثله . رواهما ابن ماجه وإن سماها العتمة جاز ; فقد روى أبو داود بإسناده عن معاذ ، أنه قال : أبقينا - يعني - انتظرنا - رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة العتمة ; ولأن هذا نسبة لها إلى الوقت الذي تجب فيه ، فأشبهت صلاة الصبح والظهر وسائر الصلوات

التالي السابق


الخدمات العلمية