صفحة جزء
( 5040 ) مسألة ; قال : ( وليس على مودع ضمان ، إذا لم يتعد ) وجملته أن الوديعة أمانة ، فإذا تلفت بغير تفريط من المودع ، فليس عليه ضمان ، سواء ذهب معها شيء من مال المودع أو لم يذهب . هذا قول أكثر أهل العلم . روي ذلك عن أبي بكر ، وعلي ، وابن مسعود رضي الله عنهم . وبه قال شريح ، والنخعي ، ومالك ، وأبو الزناد والثوري ، والأوزاعي ، والشافعي ، وأصحاب الرأي . وعن أحمد رواية أخرى ، إن ذهبت الوديعة من بين ماله غرمها ; لما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه ضمن أنس بن مالك وديعة ذهبت من بين ماله . قال القاضي : والأولى أصح ; لأن الله تعالى سماها أمانة

والضمان ينافي الأمانة . ويروى عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده { ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ليس على المستودع ضمان } . ويروى عن الصحابة الذين ذكرناهم . ولأن المستودع مؤتمن فلا يضمن ما تلف من غير تعديه وتفريطه ، كالذي ذهب مع ماله ، ولأن المستودع إنما يحفظها لصاحبها متبرعا ، من غير نفع يرجع عليه فلو لزمه الضمان لامتنع الناس من قبول الودائع ، وذلك مضر ; لما بيناه من الحاجة إليها ، وما روي عن عمر محمول على التفريط من أنس في حفظها ، فلا ينافي ما ذكرناه .

فأما إن تعدى المستودع فيها ، أو فرط في حفظها ، فتلفت ، ضمن ، بغير خلاف نعلمه ; لأنه متلف لمال غيره ، فضمنه ، كما لو أتلفه من غير استيداع .

التالي السابق


الخدمات العلمية