صفحة جزء
( 5052 ) فصل : ولو أمره أن يجعلها في منزله ، فتركها في ثيابه ، وخرج بها ، ضمنها ; لأن البيت أحرز لها . وإن جاءه بها في السوق ، فقال : احفظها في بيتك . فقام بها في الحال ، فتلفت ، فلا ضمان عليه . وإن تركها في دكانه أو ثيابه ، ولم يحملها إلى بيته مع إمكانه ، فتلفت ، ضمنها ; لأن بيته أحرز لها . هكذا قال أصحابنا . ويحتمل أنه متى تركها عنده إلى وقت مضيه إلى منزله في العادة فتلفت ، لم يضمنها ; لأن العادة أن الإنسان إذا أودع شيئا وهو في دكانه ، أمسكه في دكانه أو في ثيابه إلى وقت مضيه إلى منزله [ ص: 305 ]

فيستصحبه معه ، والمودع عالم بهذه الحالة راض بها ، ولو لم يرض بها لشرط عليه خلافها ، وأمره بتعجيل حملها ، فإما أن يقبلها بهذا الشرط أو يردها . وإن قال : اجعلها في كمك . فجعلها في جيبه ، لم يضمنها لأن الجيب أحرز لها ، لأنه ربما نسي ، فيسقط الشيء من كمه بخلاف الجيب . وإن قال : اجعلها في جيبك . فتركها في كمه ، ضمنها لذلك . وإن جعلها في يده ، ضمن أيضا ، كذلك . وإن قال : اجعلها في كمك . فتركها في يده ففيه وجهان ; أحدهما ، يضمن ; لأن سقوط الشيء من اليد مع النسيان أكثر من سقوطه من الكم

والثاني ، لا يضمن ; لأن اليد لا يتسلط عليها الطرار بالبط ، والكم بخلافه ، ولأن كل واحد منهما أحرز من وجه ، فيتساويان . ولمن نصر الوجه الأول أن يقول : متى كان كل واحد منهما أحرز من وجه ، وجب أن يضمن ; لأنه فوت الوجه المأمور بالحفظ به ، وأتى بما لم يؤمر به ، فضمن لمخالفته . وعلى هذا لو أمر بتركها في يده ، فجعلها في كمه ، ضمن لذلك . وقال القاضي : اليد أحرز عند المغالبة ، والكم أحرز منه عند عدم المغالبة . فعلى هذا ، إن أمر بتركها في يده ، فشدها في كمه عند غير المغالبة ، فلا ضمان عليه .

وإن فعل ذلك عند المغالبة ضمن وإن أمره بشدها في كمه ، فأمسكها في يده عند المغالبة لم يضمن ، وإن فعل ذلك عند غير المغالبة ضمن . وإن أمره بحفظها مطلقا ، فتركها في جيبه ، أو شدها في كمه ، لم يضمنها . وإن تركها في كمه غير مشدودة ، وكانت خفيفة لا يشعر بها إذا سقطت ، ضمنها ; لأنه مفرط ، وإن كانت ثقيلة يشعر بها ، لم يضمنها ; لأن هذا عادة الناس في حفظ أموالهم . وإن شدها على عضده ، لم يضمنها ; لأن ذلك أحفظ لها . وقال القاضي : إن شدها من جانب الجيب ، لم يضمن ، وإن شدها من الجانب الآخر ، ضمنها

لأن الطرار يقدر على بطها ، بخلاف ما إذا شدها مما يلي الجيب . وهذا يبطل بما إذا تركها في جيبه ، أو شدها في كمه ، فإن الطرار يقدر على بطها ولا يضمن ، وليس إمكان إحرازها بأحفظ الحرزين مانعا من إحرازها بما دونه ، إذا كان حرزا لمثلها . وشدها على العضد حرز لها كيفما كان ; لأن الناس يحرزون به أموالهم ، فأشبه شدها في الكم وتركها في الجيب ، ولكن لو أمره بشدها مما يلي الجيب ، فشدها من الجانب الآخر ، ضمن . وإن أمره بشدها مما يلي الجانب الآخر ، فشدها مما يلي الجيب ، لم يضمن ; لأنه أحرز . وإن أمره بشدها على عضده مطلقا ، أو أمره بحفظها معه ، فشدها من أي الجانبين كان ، لم يضمن ; لأنه ممتثل أمر مالكها ، محرز لها بحرز مثلها .

وأن شدها على وسطه ، فهو أحرز لها ، وكذلك إن تركها في بيته في حرزها .

التالي السابق


الخدمات العلمية