صفحة جزء
( 5098 ) فصل : ومن كان ذا مكسب يغني به نفسه وعياله إن كان له عيال ، وكان له قدر كفايته في كل يوم ، من أجر عقار ، أو غلة مملوك أو سائمة ، فهو غني لا حق له في الزكاة . وبهذا قال ابن عمر ، والشافعي ، وقال أبو حنيفة : إن لم يملك نصابا فله الأخذ منها ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { أعلمهم أن عليهم صدقة ، تؤخذ من أغنيائهم ، فترد في فقرائهم . } فجعل الغني من تؤخذ منه الصدقة ، ولا تؤخذ إلا من النصاب .

ولأن هذا لا يملك نصابا ، ولا قيمته ، فجاز له الأخذ ، كالذي لا كفاية له . ولنا ، ما روى عبد الله بن عدي بن الخيار ، { أن رجلين أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم الصدقة ، فسألاه شيئا منها ، فصعد بصره فيهما ، وقال لهما : إن شئتما أعطيتكما منها ، ولا حظ فيها لغني ، ولا لقوي مكتسب } . رواه أبو داود ، ورواه الإمام أحمد ، عن يحيى بن سعيد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عبيد الله . وقال : هذا أجودهما إسنادا ، ما أجوده من حديث ، ما أعلم روي في هذا أجود من هذا . قيل له : فالحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : { لا تحل الصدقة لغني ، ولا لذي [ ص: 325 ] مرة سوي } ؟ قال : لا أعلم فيه شيئا يصح . قيل له : يرويه سالم بن أبي الجعد ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : سالم لم يسمع من أبي هريرة .

والغنى يختلف ; فمنه غنى يوجب الزكاة ، وغنى يمنع أخذها ، وغنى يمنع المسألة ، ويخالف ما قاسوا عليه هذا ، فإنه محتاج إليها ، والصدقة أوساخ الناس ، فلا تباح إلا عند الحاجة إليها ، وهذا المختلف فيه لا حاجة به إليها ، فلا تباح له .

التالي السابق


الخدمات العلمية