صفحة جزء
( 5136 ) مسألة ; قال : ولا نكاح إلا بولي وشاهدين من المسلمين في هذه المسألة أربعة فصول : ( 5137 ) أحدها : أن النكاح لا يصح إلا بولي ، ولا تملك المرأة تزويج نفسها ولا غيرها ، ولا توكيل غير وليها في تزويجها . فإن فعلت ، لم يصح النكاح . روي هذا عن عمر ، وعلي ، وابن مسعود ، وابن عباس ، وأبي هريرة ، وعائشة رضي الله عنهم . وإليه ذهب سعيد بن المسيب ، والحسن ، وعمر بن عبد العزيز ، وجابر بن زيد ، والثوري ، وابن أبي ليلى وابن شبرمة ، وابن المبارك ، وعبيد الله العنبري ، والشافعي ، وإسحاق ، وأبو عبيد

وروي عن ابن سيرين ، والقاسم بن محمد ، والحسن بن صالح ، وأبي يوسف : لا يجوز لها [ ص: 6 ] ذلك بغير إذن الولي ، فإن فعلت كان موقوفا على إجازته . وقال أبو حنيفة : لها أن تزوج نفسها وغيرها ، وتوكل في النكاح ; لأن الله تعالى قال : { فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن } . أضاف النكاح إليهن ، ونهى عن منعهن منه ، ولأنه خالص حقها ، وهي من أهل المباشرة ، فصح منها ، كبيع أمتها ، ولأنها إذا ملكت بيع أمتها ، وهو تصرف في رقبتها وسائر منافعها ، ففي النكاح الذي هو عقد على بعض منافعها أولى

ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { : لا نكاح إلا بولي } . روته عائشة ، وأبو موسى ، وابن عباس . قال المروذي : سألت أحمد ويحيى عن حديث { : لا نكاح إلا بولي } . فقالا : صحيح .

وروي عن عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : { أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها ، فنكاحها باطل باطل باطل ، فإن أصابها ، فلها المهر بما استحل من فرجها ، فإن اشتجروا ، فالسلطان ولي من لا ولي له } . رواه الإمام أحمد ، وأبو داود وغيرهما فإن قيل : فإن الزهري رواه وقد أنكره . قال ابن جريج : سألت الزهري عنه فلم يعرفه . قلنا له : لم يقل هذا عن ابن جريج غير ابن علية ، كذلك قال الإمام أحمد ويحيى ، ولو ثبت هذا لم يكن حجة ; لأنه قد نقله ثقات عنه ، فلو نسيه الزهري لم يضره ;

لأن النسيان لم يعصم منه إنسان . قال النبي صلى الله عليه وسلم { : نسي آدم ، فنسيت ذريته } . ولأنها مولى عليها في النكاح ، فلا تليه ، كالصغيرة ، وأما الآية ، فإن عضلها الامتناع من تزويجها ، وهذا يدل على أن نكاحها إلى الولي .

ويدل عليه أنها نزلت في شأن معقل بن يسار ، حين امتنع من تزويج أخته ، فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم فزوجها . وأضافه إليها لأنها محل له . إذا ثبت هذا ، فإنه لا يجوز لها تزويج أحد . وعن أحمد ، لها تزويج أمتها . وهذا يدل على صحة عبارتها في النكاح ، فيخرج منه أن لها تزويج نفسها بإذن وليها ، وتزويج غيرها بالوكالة . وهو مذهب محمد بن الحسن . وينبغي أن يكون قولا لابن سيرين ومن معه ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم { : أيما امرأة زوجت نفسها بغير إذن وليها ، فنكاحها باطل } . فمفهومه صحته بإذنه

ولأن المرأة إنما منعت الاستقلال بالنكاح ، لقصور عقلها ، فلا يؤمن انخداعها ووقوعه منها على وجه المفسدة ، وهذا مأمون فيما إذا أذن فيه وليها . والصحيح الأول ; لعموم قوله { : لا نكاح إلا بولي } . وهذا يقدم على دليل الخطاب ، والتخصيص هاهنا خرج مخرج الغالب ، فإن الغالب أنها لا تزوج نفسها إلا بغير إذن وليها ، والعلة في منعها ، صيانتها عن مباشرة ما يشعر بوقاحتها ورعونتها وميلها إلى الرجال ، وذلك ينافي حال أهل الصيانة والمروءة ، والله أعلم .

( 5138 ) فصل : فإن حكم بصحة هذا العقد حاكم ، أو كان المتولي لعقده حاكما ، لم يجز نقضه

وكذلك سائر الأنكحة الفاسدة . وخرج القاضي في هذا وجها خاصة أنه ينقض . وهو قول الإصطخري من أصحاب الشافعي ; لأنه خالف نصا . والأول أولى ; لأنها مسألة مختلف فيها ، ويسوغ فيها الاجتهاد ، فلم [ ص: 7 ] يجز نقض الحكم له ، كما لو حكم بالشفعة للجار ، وهذا النص متأول وفي صحته كلام ، وقد عارضه ظواهر .

التالي السابق


الخدمات العلمية