صفحة جزء
( 540 ) فصل : وأما صلاة الصبح فالتغليس بها أفضل ، وبهذا قال مالك ، والشافعي وإسحاق . وروي عن أبي بكر ، وعمر ، وابن مسعود ، وأبي موسى وابن الزبير ، وعمر بن عبد العزيز ، ما يدل على ذلك . قال ابن عبد البر : صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أبي بكر وعمر وعثمان ، أنهم كانوا يغلسون ، ومحال أن يتركوا الأفضل ، ويأتوا الدون ، وهم النهاية في إتيان الفضائل .

وروي عن أحمد ، رحمه الله ، أن الاعتبار بحال المأمومين ، فإن أسفروا فالأفضل الإسفار ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك في العشاء ، كما ذكر جابر ، فكذلك في الفجر . وقال الثوري ، وأصحاب الرأي : الأفضل الإسفار ; لما روى رافع بن خديج ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { أسفروا بالفجر ، فإنه أعظم للأجر } . قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح . ولنا ما تقدم من حديث جابر وأبي برزة ، وقول عائشة رضي الله عنها : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الصبح ، فتنصرف النساء متلفعات بمروطهن ، ما يعرفن من الغلس . } متفق عليه .

وعن أبي مسعود الأنصاري ، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غلس بالصبح ، ثم أسفر مرة ، ثم لم يعد إلى الإسفار حتى قبضه الله } . رواه أبو داود . قال الخطابي : وهو صحيح الإسناد . وقالت عائشة رضي الله عنها : { ما صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة لوقتها الآخر مرتين ، حتى قبضه الله } . وهذا حديث غريب ، وليس إسناده بمتصل . فأما الإسفار المذكور في حديثهم ، فالمراد به تأخيرها حتى يتبين طلوع الفجر ، وينكشف يقينا من قولهم : أسفرت المرأة ، إذا كشفت وجهها .

التالي السابق


الخدمات العلمية