صفحة جزء
( 5148 ) فصل : ولا حد في وطء النكاح الفاسد ، سواء اعتقدا حله أو حرمته . وعن أحمد ما يدل [ ص: 10 ] على أنه يجب الحد بالوطء في النكاح بلا ولي ، إذا اعتقدا حرمته . وهو اختيار الصيرفي ، من أصحاب الشافعي ; لما روى الدارقطني ، بإسناده عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { : لا تزوج المرأة المرأة ، ولا تزوج المرأة نفسها ، إن الزانية هي التي تزوج نفسها } . وبإسناده عن الشعبي قال : ما كان أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أشد في النكاح بغير ولي من علي رضي الله عنه كان يضرب فيه

وروى الشالنجي ، بإسناده عن عكرمة بن خالد ، أن الطريق جمعت ركبا فيه امرأة ثيب ، فخطبها رجل ، فأنكحها رجل وهو غير ولي بصداق وشهود ، فلما قدموا على عمر ، رضي الله عنه رفع إليه أمرهما ، ففرق بينهما ، وجلد الناكح والمنكح . ولنا ، أن هذا مختلف في إباحته ، فلم يجب به الحد ، كالنكاح بغير شهود ، ولأن الحد يدرأ بالشبهات ، والاختلاف فيه أقوى الشبهات ، وتسميتها زانية يجوز ، بدليل أنه سماها بذلك بمجرد العقد ، وعمر جلدهما أدبا وتعزيرا ، ولذلك جلد المنكح ولم يجلد المرأة ، وجلدهما بمجرد العقد مع اعتقادهما حله . وكذلك حديث علي على أن حديث علي حجة على من أوجب الحد فيه ، فإن عليا أشد الناس فيه ، وقد انتهى الأمر إلى الجلد ، فدل على أن سائر الناس والصحابة لم يروا فيه جلدا

فإن قيل : فقد أوجبتم الحد على شارب النبيذ ، مع الاختلاف فيه ؟ قلنا : هو مفارق لمسألتنا ، بدليل أنا نحد من اعتقد حله ، ولأن يسير النبيذ يدعو إلى كثيره ، المتفق على تحريمه ، وهذا المختلف فيه يغني عن الزنى المجمع على تحريمه ، فافترقا . إذا ثبت هذا ، فإن من اعتقد حله ليس عليه إثم ولا أدب ; لأنه من مسائل الفروع المختلف فيها ، ومن اعتقد حرمته أثم وأدب . وإن أتت بولد منه ، لحقه نسبه في الحالين .

( 5149 ) فصل : فأما الأنكحة الباطلة ، كنكاح المرأة المزوجة أو المعتدة ، أو شبهه ، فإذا علما الحل والتحريم ، فهما زانيان ، وعليهما الحد ، ولا يلحق النسب فيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية