صفحة جزء
( 5173 ) مسألة ; قال : ( ويزوج أمة المرأة بإذنها من يزوجها ) اختلفت الرواية عن أحمد في من يزوج أمة المرأة ، فروي عنه ، أنه يلي نكاحها ولي سيدتها . قال القاضي : هذا هو الصحيح . وهو مذهب الشافعي ; لأن مقتضى الدليل كون الولاية لها ، فامتنعت في حقها لقصورها ، فتثبت لأوليائها ، كولاية نفسها ، ولأنهم يلونها لو عتقت ، ففي حال رقها أولى . ثم إن كانت سيدتها رشيدة ، لم يجز تزويج أمتها إلا بإذنها ; لأنها مالها ، ولا يجوز التصرف في مال رشيد بغير إذنه ، ويعتبر نطقها بذلك وإن كانت بكرا ; لأن صماتها إنما اكتفي به في تزويج نفسها لحيائها .

ولا تستحيي من تزويج أمتها ، وإن كانت صغيرة أو مجنونة أو سفيهة ، ولوليها ولاية على مالها ، فله تزويج أمتها ، إن كان الحظ في تزويجها ، وإلا فلا يملك تزويجها . وكذلك الحكم في أمة ابنه الصغير . وقال بعض الشافعية : ليس له تزويجها بحال ; لأن فيه تغريرا بمال الصغيرة ; لأنها ربما حملت . فتلفت . ولنا ، أن له التصرف بما فيه الحظ ، والتزويج هاهنا فيه الحظ ; لأن الكلام فيه ، فجاز ، كسائر التصرفات الجائزة واحتمال الخطر مرجوح لما فيه من تحصيل مهرها ، وولدها ، وكفاية مؤنتها ، وصيانتها عن الزنى الموجب للحد في حقها ، ونقص قيمتها ، والمرجوح كالمعدوم

وإن كان وليها في مالها غير ولي تزويجها ، فولاية تزويجها للولي في المال دون ولي التزويج ; لأنه هو المتصرف في المال ، وهي مال . والرواية الثانية ، أن للمرأة أن تولي أمر أمتها رجلا يزوجها . نقلها عن أحمد جماعة ; لأن سبب الولاية الملك ، وقد تحقق في المرأة ، وامتنعت المناشزة لنقص الأنوثة ، فملكت التوكيل ، كالرجل المريض والغائب . ونقل عن أحمد كلام يحتمل رواية ثالثة ، وهو أن سيدتها تزوجها ، فإنه قيل له : تزوج أمتها ؟ قال : قد قيل ذلك ، هي مالها . وهذا يحتمل أنه ذهب إليه

وهو قول أبي حنيفة ; لأنها مالكة لها ، وولايتها تامة عليها ، فملكت تزويجها ، كالسيد ، ولأنها تملك بيعها وإجارتها ، فملكت تزويجها ، كسيدها ، ولأن الولاية إنما تثبت على المرأة لتحصيل الكفاية ، وصيانة لحظ الأولياء في تحصيلها ، فلا تثبت عليها الولاية في أمتها ; لعدم اعتبار الكفاية ، وعدم الحق للأولياء فيها . ويحتمل أن أحمد قال هذا حكاية لمذهب غيره ، فإنه قد قال في سياقها : أحب إلي أن تأمر من يزوجها ; لأن النساء لا يعقدن . وقد ذكرنا في خبر أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { : لا تنكح المرأة المرأة } .

وقالت عائشة رضي الله عنها : زوجوا ، فإن النساء لا يزوجن ، واعقدوا ، فإن النساء لا يعقدن . ولأن المرأة لا تملك أن تزوج نفسها ، فغيرها أولى .

التالي السابق


الخدمات العلمية