صفحة جزء
( 5201 ) مسألة ; قال : وليس هذا لغير الأب . يعني ليس لغير الأب إجبار كبيرة ، ولا تزويج صغيرة ، جدا كان أو غيره . وبهذا قال مالك ، وأبو عبيد والثوري ، وابن أبي ليلى . وبه قال الشافعي إلا في الجد ، فإنه جعله كالأب ; لأن ولايته ولاية إيلاد ، فملك إجبارها كالأب . وقال الحسن ، وعمر بن عبد العزيز ، وعطاء ، وطاوس ، وقتادة ، وابن شبرمة ، والأوزاعي ، وأبو حنيفة : لغير الأب تزويج الصغيرة ، ولها الخيار إذا بلغت . وقال هؤلاء غير أبي حنيفة : إذا زوج الصغيرين غير الأب ، فلهما الخيار إذا بلغا . قال أبو الخطاب : وقد نقل عبد الله ، عن أبيه ، كقول أبي حنيفة ; لأن الله تعالى قال : { وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء } .

فمفهومه أنه إذا لم يخف ، فله تزويج اليتيمة ، واليتيم من لم يبلغ ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { لا يتم بعد احتلام } . قال عروة : سألت عائشة عن قول الله تعالى : { وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى } . فقالت : يا ابن أختي ، هذه اليتيمة تكون في حجر وليها ، فيشركها في مالها ، ويعجبه مالها وجمالها ، فيريد أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها ، فيعطيها مثل ما يعطيها غيره ، فنهوا عن نكاحهن إلا أن يقسطوا فيهن ، ويبلغوا أعلى سنتهن في الصداق . متفق عليه . ولأنه ولي في النكاح ، فملك التزويج كالأب . ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : { تستأمر اليتيمة في نفسها ، فإن سكتت فهو إذنها ، وإن أبت ، فلا جواز عليها } . رواه أبو داود ، والنسائي .

وروي ابن عمر ، { أن قدامة بن مظعون زوج ابن عمر ابنة أخيه عثمان ، فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إنها يتيمة ، ولا تنكح إلا بإذنها } . واليتيمة : الصغيرة التي مات أبوها . ولأن غير الأب قاصر الشفقة ، فلا يلي نكاح الصغيرة ، كالأجنبي ، وغير الجد لا يلي مالها ، فلا يستبد بنكاحها ، كالأجنبي . ولأن الجد يدلي بولاية غيره ، فأشبه سائر العصبات ، وفارق الأب ، فإنه يدلي بغير واسطة ، ويسقط الإخوة والجد ، ويحجب الأم عن ثلث المال إلى ثلث الباقي في زوج وأبوين أو زوجة وأبوين . والآية محمولة على البالغة بدليل قول الله تعالى : { تؤتونهن ما كتب لهن } . وإنما يدفع إلى الكبيرة ، أو نحملها على بنت تسع .

التالي السابق


الخدمات العلمية