صفحة جزء
( 5212 ) مسألة ; قال : ( وإذا زوج ابنته بدون صداق مثلها ، ثبت النكاح بالمسمى . وإن فعل ذلك غير الأب ثبت النكاح ، وكان لها مهر مثلها ) . وجملة ذلك أن للأب تزويج ابنته بدون صداق مثلها ، بكرا كانت أو ثيبا ، صغيرة كانت أو كبيرة . وبهذا قال أبو حنيفة ، ومالك . وقال الشافعي : ليس له ذلك ، فإن فعل فلها مهر مثلها ; لأنه عقد معاوضة فلم يجز أن ينقص فيه عن قيمة المعوض كالبيع ، ولأنه تفريط في مالها ، وليس له ذلك . ولنا ، أن عمر ، رضي الله عنه خطب الناس فقال : ألا لا تغالوا في صداق النساء ، فما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا من نسائه ، ولا أحدا من بناته ، أكثر من اثنتي عشرة أوقية

وكان ذلك بمحضر من الصحابة ، ولم ينكروه ، فكان اتفاقا منهم على أن له أن يزوج بذلك وإن كان دون صداق المثل . وزوج سعيد بن المسيب ابنته بدرهمين ، وهو من سادات قريش ، شرفا وعلما ودينا ، ومن المعلوم أنه لم يكن مهر مثلها ، ولأنه ليس المقصود من النكاح العوض ، وإنما المقصود السكن والازدواج ، ووضع المرأة في منصب عند من يكفيها ، ويصونها ، ويحسن عشرتها ، والظاهر من الأب ، مع تمام شفقته ، وبلوغ نظره ، أنه لا ينقصها من صداقها إلا لتحصيل المعاني المقصودة بالنكاح ، فلا ينبغي أن يمنع من تحصيل المقصود بتفويت غيره ، ويفارق سائر عقود المعاوضات .

فإن المقصود فيها العوض ، فلم يجز تفويته فأما غير الأب ، فليس له أن ينقصها من مهر مثلها ، فإن زوج بدون ذلك ، صح النكاح ; لأن فساد التسمية وعدمها لا يؤثر في النكاح ، ويكون لها مهر مثلها ; لأنه قيمة بضعها ، وليس للولي نقصها منه ، فرجعت إلى مهر المثل . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية