صفحة جزء
( 550 ) مسألة : قال : ( والمغمى عليه يقضي جميع الصلوات التي كانت في حال إغمائه ) وجملة ذلك أن المغمى عليه حكمه حكم النائم ، لا يسقط عنه قضاء شيء من الواجبات التي يجب قضاؤها على النائم ; كالصلاة والصيام . وقال مالك ، والشافعي : لا يلزمه قضاء الصلاة إلا أن يفيق في جزء من وقتها ; لأن عائشة { سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يغمى عليه ، فيترك الصلاة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس من ذلك قضاء إلا أن يغمى عليه ، فيفيق في وقتها ، فيصليها } . وقال أبو حنيفة : إن أغمي عليه خمس صلوات قضاها ، وإن زادت سقط فرض القضاء في الكل ; لأن ذلك يدخل في التكرار ، فأسقط القضاء ، كالجنون . ولنا ما روي ، أن عمارا غشي عليه أياما لا يصلي ، ثم استفاق بعد ثلاث ، فقال : هل صليت ؟ فقيل : ما صليت منذ ثلاث . فقال : أعطوني وضوءا ، فتوضأ ، ثم صلى تلك الليلة

وروى أبو مجلز ، أن سمرة بن جندب ، قال : المغمى عليه - يترك الصلاة ، أو فيترك الصلاة - يصلي مع كل صلاة صلاة مثلها قال : قال عمران : زعم ، ولكن ليصلهن جميعا . وروى الأثرم هذين الحديثين في " سننه " . وهذا فعل الصحابة وقولهم ، ولا نعرف لهم مخالفا ، فكان إجماعا . ولأن الإغماء لا يسقط فرض الصيام ، ولا يؤثر في استحقاق الولاية على المغمى عليه ، فأشبه النوم . فأما حديثهم فباطل يرويه الحاكم بن سعد ، وقد نهى أحمد رحمه الله ، عن حديثه ، وضعفه ابن المبارك ، وقال البخاري : تركوه . وفي إسناده خارجة بن مصعب .

ولا يصح قياسه على المجنون ; لأن المجنون تتطاول مدته غالبا ، وقد رفع القلم عنه ، ولا يلزمه صيام ، ولا شيء من أحكام التكليف ، وتثبت الولاية عليه ، ولا يجوز على الأنبياء عليهم السلام ، والإغماء بخلافه ، وما لا يؤثر في إسقاط الخمس لا يؤثر في إسقاط الزائد عليها ، كالنوم .

التالي السابق


الخدمات العلمية