صفحة جزء
( 5291 ) فصل : وينعقد النكاح بلفظ الإنكاح والتزويج . والجواب عنهما إجماعا ، وهما اللذان ورد بهما نص الكتاب في قوله سبحانه : { زوجناكها } . وقوله سبحانه : { ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء } . وسواء اتفقا من الجانبين أو اختلفا ، مثل أن يقول : زوجتك بنتي هذه . فيقول : قبلت هذا النكاح ، أو هذا التزويج . ولا ينعقد بغير لفظ الإنكاح والتزويج . وبهذا قال سعيد بن المسيب ، وعطاء ، والزهري ، وربيعة ، والشافعي . وقال الثوري ، والحسن بن صالح ، وأبو حنيفة ، وأصحابه ، وأبو ثور ، وأبو عبيد ، وداود : ينعقد بلفظ الهبة والصدقة والبيع والتمليك . وفي لفظ الإجارة عن أبي حنيفة روايتان . وقال مالك ينعقد بذلك إذا ذكر المهر . واحتجوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم زوج رجلا امرأة ، فقال : { قد ملكتكها بما معك من القرآن } . رواه البخاري .

ولأنه لفظ ينعقد به تزويج النبي صلى الله عليه وسلم فانعقد به نكاح أمته ، كلفظ الإنكاح والتزويج ; ولأنه أمكن تصحيحه بمجازه ، فوجب تصحيحه ، كإيقاع الطلاق بالكنايات .

ولنا قوله تعالى : { وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين } . فذكر ذلك خالصا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ; ولأنه لفظ ينعقد به غير النكاح فلم ينعقد به النكاح ، كلفظ الإجارة والإباحة والإحلال ; ولأنه ليس بصريح في النكاح ، فلا ينعقد به ، كالذي ذكرنا ; وهذا لأن الشهادة شرط في النكاح ، والكناية إنما تعلم بالنية ، ولا يمكن الشهادة على النية ، لعدم اطلاعهم عليها ، فيجب أن لا ينعقد ، وبهذا فارق بقية العقود والطلاق .

وأما الخبر ، فقد روي : " زوجتكها " و " أنكحتكها " و " زوجناكها " . من طرق صحيحة . والقصة واحدة ، والظاهر أن الراوي روى بالمعنى ظنا منه أن معناها واحد ، فلا تكون حجة ، وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الألفاظ ، فلا حجة لهم فيه ; لأن النكاح انعقد بأحدها ، والباقي فضلة .

التالي السابق


الخدمات العلمية