صفحة جزء
( 5299 ) فصل : ويستحب أن يخطب العاقد أو غيره قبل التواجب ، ثم يكون العقد بعده ; لقول النبي : صلى الله عليه وسلم { كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله ، فهو أقطع } . وقال : { كل خطبة ليس فيها شهادة ، فهي كاليد الجذماء . } رواهما ابن المنذر . ويجزئ من ذلك أن يحمد الله تعالى ، ويتشهد ، ويصلي على رسول الله

صلى الله عليه وسلم والمستحب أن يخطب بخطبة عبد الله بن مسعود التي قال : { علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد في الصلاة ، والتشهد في الحاجة ، قال : التشهد في الحاجة : إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، ويقرأ ثلاث آيات : { اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون } . و : { اتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا } . و : { اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم } الآية } رواه أبو داود ، والترمذي . وقال : حديث حسن

. قال الخلال : حدثنا أبو سليمان إمام طرسوس ، قال : كان الإمام أحمد بن حنبل إذا حضر عقد نكاح لم يخطب فيه بخطبة عبد الله بن مسعود ، قام وتركهم . وهذا كان من أبي عبد الله على طريق المبالغة في استحبابها ، لا على الإيجاب ، فإن حرب بن إسماعيل قال : قلت لأحمد : فيجب أن تكون خطبة النكاح مثل قول ابن مسعود ؟ فوسع في ذلك . وقد [ ص: 63 ] روي عن ابن عمر ، أنه كان إذا دعي ليزوج قال : لا تفضضوا علينا الناس ، الحمد لله ، وصلى الله على محمد ، إن فلانا يخطب إليكم ، فإن أنكحتموه فالحمد لله ، وإن رددتموه فسبحان الله .

والمستحب خطبة واحدة يخطبها الولي ، أو الزوج ، أو غيرهما ،

وقال الشافعي : المسنون خطبتان ، هذه التي ذكرناها في أوله ، وخطبة من الزوج قبل قبوله . والمنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن السلف ، خطبة واحدة ، وهو أولى ما اتبع . ( 5300 ) فصل : والخطبة غير واجبة عند أحد من أهل العلم علمناه ، إلا داود ، فإنه أوجبها ; لما ذكرناه . ولنا { أن رجلا قال للنبي : صلى الله عليه وسلم يا رسول الله ، زوجنيها . فقال رسول الله : صلى الله عليه وسلم زوجتكها بما معك من القرآن . } متفق عليه . ولم يذكر خطبة

وخطب إلى عمر مولاة له ، فما زاد على أن قال : قد أنكحناك على ما أمر الله ، على إمساك بمعروف ، أو تسريح بإحسان . وقال جعفر بن محمد ، عن أبيه : إن كان الحسين ليزوج بعض بنات الحسن ، وهو يتعرق العرق . رواهما ابن المنذر . وروى أبو داود ، بإسناده عن رجل من بني سليم ، قال : { خطبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمامة بنت عبد المطلب ، فأنكحني من غير أن يتشهد } . ولأنه عقد معاوضة ، فلم تجب فيه الخطبة كالبيع ، وما استدلوا به يدل على عدم الكمال بدون الخطبة ، لا على الوجوب .

التالي السابق


الخدمات العلمية