صفحة جزء
( 555 ) مسألة : قال أبو القاسم : ( ويذهب أبو عبد الله ، رحمه الله ، إلى أذان بلال رضي الله عنه وهو : الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، حي على الصلاة ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله . ) وجملة ذلك ، أن اختيار أحمد ، رحمه الله ، من الأذان أذان بلال رضي الله عنه وهو كما وصف الخرقي . وجاء في خبر عبد الله بن زيد ، وهو خمس عشرة كلمة ، لا ترجيع فيه . وبهذا قال الثوري ، وأصحاب الرأي وإسحاق .

وقال مالك ، والشافعي ، ومن تبعهما من أهل الحجاز : الأذان المسنون أذان أبي محذورة ، وهو مثل ما وصفنا ، إلا أنه يسن الترجيع ، وهو أن يذكر الشهادتين مرتين مرتين ، يخفض بذلك صوته ، ثم يعيدهما رافعا بهما صوته ، إلا أن مالكا قال : التكبير في أوله مرتان حسب ، فيكون الأذان عنده سبع عشرة كلمة ، وعند الشافعي تسع عشرة كلمة . واحتجوا بما روى أبو محذورة ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم لقنه الأذان ، وألقاه عليه ، فقال له تقول : أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله . تخفض بها صوتك ، ثم ترفع صوتك بالشهادة . أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله . } ثم ذكر سائر الأذان . أخرجه مسلم ، وهو حديث متفق عليه

، واحتج مالك بأن ابن محيريز ، قال : كان الأذان الذي يؤذن به أبو محذورة ، الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله . متفق عليه . ولنا ، حديث عبد الله بن زيد ، والأخذ به أولى ; لأن بلالا كان يؤذن به مع رسول الله صلى الله عليه وسلم دائما ، سفرا وحضرا ، وأقره النبي صلى الله عليه وسلم على أذانه بعد أذان أبي محذورة . قال الأثرم : سمعت أبا عبد الله يسأل : إلى أي الأذان يذهب ؟ قال : إلى أذان بلال ، رواه محمد بن إسحاق ، عن محمد بن إبراهيم ، عن محمد بن عبد الله بن زيد ، ثم [ ص: 244 ] وصفه .

قيل لأبي عبد الله : أليس حديث أبي محذورة بعد حديث عبد الله بن زيد ; لأن حديث أبي محذورة بعد فتح مكة ؟ فقال : أليس قد رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ; فأقر بلالا على أذان عبد الله بن زيد ؟ وهذا من الاختلاف المباح ، فإن رجع فلا بأس . نص عليه أحمد . وكذلك قال إسحاق فإن الأمرين كليهما قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ويحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمر أبا محذورة بذكر الشهادتين سرا ، ليحصل له الإخلاص بهما ، فإن الإخلاص في الإسرار بهما أبلغ من قولهما إعلانا للإعلام ، وخص أبا محذورة بذلك ، لأنه لم يكن مقرا بهما حينئذ ، فإن في الخبر { أنه كان مستهزئا يحكي أذان مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم فسمع النبي صلى الله عليه وسلم صوته ، فدعاه ، فأمره بالأذان ، قال : ولا شيء عندي أبغض من النبي صلى الله عليه وسلم ولا مما يأمرني به } .

فقصد النبي صلى الله عليه وسلم نطقه بالشهادتين سرا ليسلم بذلك ولا يوجد هذا في غيره ، ودليل هذا الاحتمال كون النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر به بلالا ، ولا غيره ممن كان مسلما ثابت الإسلام . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية