صفحة جزء
( 5328 ) فصل : ويحوز للرجل أن ينظر من ذوات محارمه إلى ما يظهر غالبا كالرقبة والرأس والكفين [ ص: 75 ] والقدمين ونحو ذلك وليس له النظر إلى ما يستتر غالبا ، كالصدر والظهر ونحوهما . قال الأثرم : سألت أبا عبد الله عن الرجل ينظر إلى شعر امرأة أبيه أو امرأة ابنه . فقال : هذا في القرآن : { ولا يبدين زينتهن } إلا لكذا وكذا قلت : ينظر إلى ساق امرأة أبيه وصدرها قال : لا ما يعجبني ثم قال : أنا أكره أن ينظر من أمه وأخته إلى مثل هذا ، وإلى كل شيء لشهوة . وذكر القاضي أن حكم الرجل مع ذوات محارمه حكم الرجل مع الرجل ، والمرأة مع المرأة . وقال أبو بكر : كراهية أحمد النظر إلى ساق أمه وصدرها على التوقي ; لأن ذلك يدعو إلى الشهوة يعني أنه يكره ولا يحرم . ومنع الحسن والشعبي والضحاك ، النظر إلى شعر ذوات المحارم فروي عن هند ابنة المهلب قالت : قلت للحسن : ينظر الرجل إلى قرط أخته أو إلى عنقها ؟ قال : لا ، ولا كرامة . وقال الضحاك : لو دخلت على أمي لقلت : أيتها العجوز ، غطي شعرك . والصحيح أنه يباح النظر إلى ما يظهر غالبا ، لقول الله تعالى : { ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن } الآية وقالت سهلة بنت سهيل : { يا رسول الله إنا كنا نرى سالما ولدا ، كان يأوي معي ومع أبي حذيفة في بيت واحد ، ويراني فضلا وقد أنزل الله تعالى فيهم ما علمت ، فكيف ترى فيه ؟ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم أرضعيه فأرضعته خمس رضعات ، فكان بمنزلة ولدها } رواه أبو داود وغيره وهذا دليل على أنه كان ينظر منها إلى ما يظهر غالبا ، فإنها قالت : يراني فضلا ومعناه في ثياب البذلة التي لا تستر أطرافها .

وقال امرؤ القيس :

فجئت وقد نضت لنوم ثيابها لدى الستر إلا لبسة المتفضل

ومثل هذا يظهر منه الأطراف والشعر ، فكان يراها كذلك إذا اعتقدته ولدا ، ثم دلهم النبي صلى الله عليه وسلم على ما يستديمون به ما كانوا يعتقدونه ويفعلونه . وروى الشافعي في " مسنده " عن زينب بنت أبي سلمة ، أنها ارتضعت من أسماء امرأة الزبير قالت : فكنت أراه أبا ، وكان يدخل علي وأنا أمشط رأسي ، فيأخذ ببعض قرون رأسي ، ويقول : أقبلي علي . ولأن التحرز من هذا لا يمكن .

فأبيح كالوجه ، وما لا يظهر غالبا لا يباح ; لأن الحاجة لا تدعو إلى نظره ، ولا تؤمن معه الشهوة ومواقعة المحظور ، فحرم النظر إليه كما تحت السرة ( 5329 ) فصل : وذوات محارمه : كل من حرم عليه نكاحها على التأبيد ، بنسب أو رضاع أو تحريم المصاهرة بسبب مباح لما ذكرنا من حديث سالم وزينب . وعن عائشة { أن أفلح أخا أبي القعيس استأذن عليها بعد ما أنزل الحجاب ، فأبت أن تأذن له ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ائذني له ، فإنه عمك ، تربت يمينك } متفق عليه

وقد ذكر الله تعالى آباء بعولتهن ، وأبناء بعولتهن ، كما ذكر آباءهن وأبناءهن في إبداء الزينة لهم وتوقف أحمد عن النظر إلى شعر أم امرأته وبنتها ; لأنهما غير مذكورتين في الآية قال القاضي : إنما حكى سعيد بن جبير ولم يأخذ به وقد صرح في رواية [ ص: 76 ] المروذي أنه محرم يجوز له المسافرة بها وقال ، في رواية أبي طالب : ساعة يعقد عقدة النكاح تحرم عليه أم امرأته ، فله أن يرى شعرها ومحاسنها ، ليست مثل التي يزني بها ، لا يحل له أبدا أن ينظر إلى شعرها ، ولا إلى شيء من جسدها ، وهي حرام عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية