صفحة جزء
( 5343 ) فصل : فأما نظر المرأة إلى الرجل ، ففيه روايتان ، إحداهما : لها النظر إلى ما ليس بعورة . والأخرى : لا يجوز لها النظر من الرجل إلا إلى مثل ما ينظر إليه منها . اختاره أبو بكر وهذا أحد قولي الشافعي لما روى [ ص: 81 ] الزهري عن نبهان عن أم سلمة قالت : { كنت قاعدة عند النبي صلى الله عليه وسلم أنا وحفصة فاستأذن ابن أم مكتوم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : احتجبن منه فقلت : يا رسول الله ، إنه ضرير لا يبصر قال : أفعمياوان أنتما لا تبصرانه ، } رواه أبو داود ، وغيره ; ولأن الله تعالى أمر النساء بغض أبصارهن ، كما أمر الرجال به ; ولأن النساء أحد نوعي الآدميين ، فحرم ، عليهن النظر إلى النوع الآخر قياسا على الرجال ، يحققه أن المعنى المحرم للنظر خوف الفتنة ، وهذا في المرأة أبلغ ، فإنها أشد شهوة ، وأقل عقلا ، فتسارع الفتنة إليها أكثر . ولنا { ، قول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس : اعتدي في بيت ابن أم مكتوم ، فإنه رجل أعمى ، تضعين ثيابك فلا يراك } متفق عليه

{ . وقالت عائشة : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه ، وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد } متفق عليه { . ويوم فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من خطبة العيد ، مضى إلى النساء فذكرهن ، ومعه بلال فأمرهن بالصدقة } ; ولأنهن لو منعن النظر ، لوجب على الرجال الحجاب ، كما وجب على النساء ، لئلا ينظرن إليهم . فأما حديث نبهان فقال أحمد : نبهان روى حديثين عجيبين . يعني هذا الحديث ، وحديث { : إذا كان لإحداكن مكاتب ، فلتحتجب منه } وكأنه أشار إلى ضعف حديثه .

إذ لم يرو إلا هذين الحديثين المخالفين للأصول . وقال ابن عبد البر : نبهان مجهول ، لا يعرف إلا برواية الزهري عنه هذا الحديث ، وحديث فاطمة صحيح فالحجة به لازمة ثم يحتمل أن حديث نبهان خاص لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم كذلك قال أحمد وأبو داود قال الأثرم : قلت لأبي عبد الله : كان حديث نبهان لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة وحديث فاطمة لسائر الناس ؟ قال : نعم ، وإن قدر التعارض فتقديم الأحاديث الصحيحة أولى من الأخذ بحديث مفرد ، في إسناده مقال .

التالي السابق


الخدمات العلمية