صفحة جزء
( 5344 ) مسألة : قال : ( وإذا زوج أمته ، وشرط عليه أن تكون عندهم بالنهار ، ويبعث بها إليه بالليل ، فالعقد والشرط جائزان ، وعلى الزوج النفقة مدة مقامها عنده ) أما الشرط : فصحيح ; لأنه لا يخل بمقصود النكاح ، فإن الاستمتاع إنما يكون ليلا ، وإذا كان الشرط صحيحا لم يمنع صحة العقد ، فيكونان صحيحين . وعلى الزوج النفقة في الليل ; لأنها سلمت إليه فيه ، وليس عليه نفقة النهار ; لأنها في مقابلة الاستمتاع ، وهو لا يتمكن من الاستمتاع بها في تلك الحال .

وإذا لم تجب نفقة النهار على الزوج ، وجبت على السيد ; لأنها في خدمته حينئذ ; ولأنها باقية على الأصل في وجوبها على السيد ، فتكون نفقتها بينهما نصفين وكذلك الكسوة . وقال بعض أصحاب الشافعي : ليس على الزوج شيء من النفقة ; لأنها لا تجب إلا بالتمكين التام ، ولم يوجد ، فلم يجب منها شيء كالحرة إذا بذلت التسليم في بعض الزمان دون بعض . ولنا أن النفقة عوض في مقابلة المنفعة ، فوجب منها بقدر ما يستوفيه ، كالأجرة في الإجارة ، وفارقت الحرة ; لأن التسليم عليها واجب في جميع الزمان ، فإذا امتنعت منه في البعض ، فلم تسلم ما وجب عليها تسليمه ، وهاهنا قد سلم السيد جميع ما وجب عليه .

[ ص: 82 ] فصل : فإن زوجها من غير شرط فقال القاضي : الحكم فيه كما لو شرط ، وله استخدامها نهارا ، وعليه إرسالها ليلا للاستمتاع بها ; لأنه زمانه ، وذلك لأن السيد يملك من أمته منفعتين ، منفعة الاستخدام والاستمتاع ، فإذا عقد على إحداهما ، لم يلزمه تسليمها إلا في زمن استيفائها ، كما لو أجرها للخدمة ، لم يلزمه تسليمها إلا في زمنها وهو النهار ، والنفقة بينهما على قدر إقامتها عندهما وإن تبرع السيد بإرسالها ليلا ونهارا ، فالنفقة كلها على الزوج ، وإن تبرع الزوج بتركها عند السيد ليلا ونهارا ، لم تسقط نفقتها عنه .

ولو تبرع كل واحد منهما بتركها عند الآخر ، وتدافعاها ، كانت نفقتها كلها على الزوج ; لأن الزوجية تقتضي وجوب النفقة ، ما لم يمنع من استمتاعها ، عدوانا أو بشرط أو نحوه ، ولذلك تجب نفقتها مع تعذر استمتاعها بمرض أو حيض أو نحوهما فإذا لم يكن من السيد هاهنا منع فالنفقة على الزوج ; لوجود الزوجية المقتضية لها ، وعدم المانع منها . ( 5346 ) فصل : فإن أراد الزوج السفر بها ، لم يملك ذلك ; لأنه يفوت خدمتها المستحقة لسيدها ، وإن أراد السيد السفر بها ، فقد توقف أحمد عن ذلك ، وقال : ما أدري .

فيحتمل المنع منه ; لأنه يفوت حق الزوج منها ، فمنع منه ، قياسا على ما لو منعه منه مع الإقامة ; ولأنه مالك لإحدى منفعتيها ، فلم يملك منع الآخر من السفر بها ، كالسيد ، وكما لو أجرها ثم أراد السفر بها ويحتمل أن له السفر بها ; لأنه مالك رقبتها ، كسيد العبد إذا زوجه ، وإن شرط الزوج أن تسلم إليه الأمة ليلا ونهارا ، جاز وعليه نفقتها كلها ، وليس للسيد السفر بها ; لأنه لا حق له في نفعها .

التالي السابق


الخدمات العلمية