صفحة جزء
( 5360 ) فصل : فأما المباشرة فيما دون الفرج ، فإن كانت لغير شهوة ، لم تنشر الحرمة . بغير خلاف نعلمه . وإن كانت لشهوة ، وكانت في أجنبية ، لم تنشر الحرمة أيضا . قال الجوزجاني : سألت أحمد عن رجل نظر إلى أم امرأته في شهوة ، أو قبلها ، أو باشرها . فقال : أنا أقول لا يحرمه شيء من ذلك إلا الجماع . وكذلك نقل أحمد بن القاسم ، وإسحاق بن منصور . وإن كانت المباشرة لامرأة محللة له ، كامرأته ، أو مملوكته ، لم تحرم عليه ابنتها .

قال ابن عباس : لا يحرم الربيبة إلا جماع أمها . وبه قال طاوس ، وعمرو بن دينار ; لأن الله تعالى قال { فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم } . وهذا ليس بدخول فلا يجوز ترك النص الصريح من أجله . وأما تحريم أمها ، وتحريمها على أبي المباشر لها وابنه ; فإنها في النكاح تحرم بمجرد العقد قبل المباشرة ، فلا يظهر للمباشرة أثر . وأما الأمة ، فمتى باشرها دون الفرج لشهوة ، فهل يثبت تحريم المصاهرة ؟ فيه روايتان ; إحداهما ، ينشرها .

روي ذلك عن ابن عمر ، وعبد الله بن عمرو ، ومسروق . وبه قال القاسم بن محمد ، والحسن ، ومكحول ، والنخعي ، والشعبي ، ومالك ، والأوزاعي ، وأبو حنيفة ، وعلي بن المديني . وهو أحد قولي الشافعي ; لأنه نوع استمتاع ، فتعلق به تحريم المصاهرة ، كالوطء في الفرج ، ولأنه تلذذ بمباشرة ، فيتعلق به التحريم كما لو وطئ .

والثانية ، لا يثبت به التحريم ; لأنها ملامسة لا توجب الغسل ، فلم يثبت بها التحريم ، كما لو لم يكن لشهوة ، ولأن ثبوت التحريم إما أن يكون بنص ، أو قياس على المنصوص ، ولا نص في هذا ، ولا هو في معنى [ ص: 93 ] المنصوص عليه ، ولا المجمع عليه ، فإن الوطء يتعلق به من الأحكام استقرار المهر ، والإحصان ، والاغتسال ، والعدة ، وإفساد الإحرام ، والصيام ، بخلاف اللمس . وذكر أصحابنا الروايتين في جميع الصور من غير تفصيل ، وهذا الذي ذكرناه أقرب إلى الصواب ، إن شاء الله سبحانه .

التالي السابق


الخدمات العلمية