صفحة جزء
( 5361 ) فصل : ومن نظر إلى فرج امرأة بشهوة ، فهو كلمسها لشهوة ، فيه أيضا روايتان ; إحداهما ، ينشر الحرمة في الموضع الذي ينشرها اللمس . روي عن عمر ، وابن عمر ، وعامر بن ربيعة ، وكان بدريا وعبد الله بن عمرو في من يشتري الخادم ، ثم يجردها أو يقبلها ، لا يحل لابنه وطؤها . وهو قول القاسم ، والحسن ، ومجاهد ، ومكحول ، وحماد بن أبي سليمان ، وأبي حنيفة .

لما روى عبد الله بن مسعود ، عن النبي ، أنه قال { : من نظر إلى فرج امرأة ، لم تحل له أمها وبنتها . وفي لفظ : لا ينظر الله إلى رجل نظر إلى فرج امرأة وابنتها } . والثانية ، لا يتعلق به التحريم . وهو قول الشافعي ، وأكثر أهل العلم ; لقوله تعالى { وأحل لكم ما وراء ذلكم } . ولأنه نظر من غير مباشرة ، فلم يوجب التحريم ، كالنظر إلى الوجه ، والخبر ضعيف . قاله الدارقطني . وقيل : هو موقوف على ابن مسعود . ثم يحتمل أنه كنى بذلك عن الوطء .

وأما النظر إلى سائر البدن فلا ينشر حرمة . وقال بعض أصحابنا : لا فرق بين النظر إلى الفرج وسائر البدن لشهوة . والصحيح ، خلاف هذا ; فإن غير الفرج لا يقاس عليه ، لما بينهما من الفرق ، ولا خلاف نعلمه في أن النظر إلى الوجه لا يثبت الحرمة ، فكذلك غيره ، ولا خلاف أيضا في أن النظر إذا وقع من غير شهوة لا ينشر حرمة ; لأن اللمس الذي هو أبلغ منه لا يؤثر إذا كان لغير شهوة ، فالنظر أولى . وموضع الخلاف في اللمس والنظر في من بلغت سنا يمكن الاستمتاع منها ، كابنة تسع فما زاد ، فأما الطفلة فلا يثبت فيها ذلك .

وقد روي عن أحمد ، في بنت سبع : إذا قبلها حرمت عليه أمها . قال القاضي : هذا عندي محمول على السن الذي توجد معه الشهوة . ( 5362 ) فصل : فإن نظرت المرأة إلى فرج رجل لشهوة ، فحكمه في التحريم حكم نظره إليها . نص عليه أحمد ; لأنه معنى يوجب التحريم ، فاستوى فيه الرجل والمرأة كالجماع . وكذلك ينبغي أن يكون حكم لمسها له ، وقبلتها إياه لشهوة ; لما ذكرنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية